«المصري اليوم» ترصد التسلسل الزمنى لتحرير سعر الجنيه
«توحيد سعر الصرف إجراء بالغ الأهمية، حيث يسهم فى القضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبى، فى أعقاب إغلاق الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمية والموازية»، هكذا علق البنك المركزى على قراره، أمس، بتحرير سعر الصرف وفقًا لآليات السوق.
وفى البيان نفسه، أعلن البنك المركزى رفع سعر الفائدة 6% دفعة واحدة على الإيداع والإقراض، وارتفع سعر الفائدة بعد الزيادة إلى 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض.
«المصرى اليوم» تستعرض، فى التقرير التالى، التسلسل الزمنى لتحرير سعر الجنيه فى مصر مقابل العملات الأجنبية:
– تعويم الجنيه للمرة الأولى فى مصر حدث عام 1977
وقتها، سمح الرئيس الراحل أنور السادات بعودة البطاقات الاستيرادية للقطاع الخاص، وبدء حقبة الاقتراض من الغرب، التى تحولت بعد ذلك إلى ما يسمى «ديون نادى باريس»، لكن مع عدم قدرة السادات على تحرير الموازنة العامة سنة 1977، وعدم استمرار تدفق استثمارات الخليج، والضعف الاقتصادى العام، حدثت أزمات الدولار مرة أخرى، وتحرك الدولار رسميًّا من 1.25 جنيه إلى حوالى 2.5 جنيه.
– تعويم الجنيه للمرة الثانية حدث عام 2003
عام 2003، قررت الحكومة، برئاسة عاطف عبيد، تعويم الجنيه، أى إطلاق الحرية لمعاملات العرض والطلب فى السوق بتحديد سعر صرف الجنيه، وفك ارتباطه بالدولار، وارتفع سعر الدولار بعد قرار التعويم إلى 5 جنيهات و50 قرشًا، ثم ارتفع مرة أخرى، ولامس سقف 7 جنيهات، لكى يستقر عند 6 جنيهات و20 قرشًا فى ذلك الوقت، بعدما كان 3 جنيهات و40 قرشًا.
– تعويم الجنيه للمرة الثالثة عام 2016
فى نوفمبر 2016، أعلن البنك المركزى المصرى تحرير سعر الصرف ليصل الدولار عند الشراء بأعلى سعر إلى 14.50 وأقل سعر عند 13.5 جنيه.
– حدث تعويم فى مارس 2022 وتخطى سعر الدولار 19 جنيهًا لأول مرة.
– وحدث تعويم عام 2022 للمرة الثانية، حيث تحرك السعر يوم 29 أكتوبر ووصل الدولار إلى 22.85 جنيه.
– وفى يناير 2023 تخطى سعر الدولار حاجز 30 جنيهًا، إلى أن تحرك اليوم مرة أخرى.
فى البداية، ماذا يعنى تعويم الجنيه؟، التعويم هو عملية تحرير سعر صرف العملة بالكامل، بحيث لا تتدخل الحكومة أو البنك المركزى فى تحديد سعر الصرف، ليحدد العرض والطلب على العملة سعر الصرف مقابل العملات الأجنبية، وتحديدًا الدولار.
وقد يكون التعويم حرًّا أو موجهًا، فالتعويم الحر يتم عندما يتحدد سعر الصرف وفقًا للعرض والطلب فقط، أما التعويم الموجه، فهو عندما يُترك سعر الصرف للعرض والطلب، لكن البنك المركزى يتدخل لتوجيهه باتجاه معين، وذلك من خلال التأثير على حجم العرض من العملات الأجنبية أو حجم الطلب عليها.
سعر الصرف الثابت
فيه يتم تثبيت سعر صرف العملة إما إلى عملة واحدة تتميز بمواصفات معينة كالقوة والاستقرار، أو إلى سلة عملات انطلاقا من عملات الشركاء التجاريين الأساسيين، أو العملات المكونة لوحدة حقوق السحب الخاص.
سعر الصرف المرن
سعر الصرف القابل للتعديل ويتميز بمرونته وقابليته للتعديل على أساس بعض المعايير مثل المؤشرات الاقتصادية، وقد تتبع الدولة نظام التعويم المدار، وتعدل السلطات أسعار صرفها بتواتر على أساس مستوى الاحتياطى لديها من العملات الأجنبية والذهب وميزان المدفوعات، أو تستخدم التعويم الحر الذى يسمح لقيمة العملات أن تتغير صعودًا وهبوطًا حسب السوق وهذا النظام يسمح للسياسات الاقتصادية بالتحرر من قيود سعر الصرف.
سعر الصرف العائم «التعويم الكلى»
سعر صرف العملة الذى طرأ عليه تعويم بحيث أصبح محررًا بشكل كامل، فلا تتدخل الحكومة أو المصرف المركزى فى تحديده بشكل مباشر، وإنما يتم إفرازه تلقائيا فى سوق العملات من خلال آلية العرض والطلب التى تسمح بتحديد سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية. وتتقلب أسعار صرف العملة العائمة باستمرار مع كل تغير يشهده العرض والطلب على العملات الأجنبية، حتى أنها يمكن أن تتغير عدة مرات فى اليوم الواحد.
قال الدكتور إسلام جمال الدين شوقى، خبير الاقتصاد، محلل أسواق المال، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى، إن قرارات البنك المركزى الأخيرة تأتى بعد أن حقق ما تم التخطيط له خلال الأيام الماضية، خاصةً بعد صفقة «رأس الحكمة»، ووجود سيولة دولارية لديه فى الوقت الحالى، والتى استطاع من خلالها تخفيض حجم الفجوة بين سعر الدولار الرسمى فى البنوك والسعر فى السوق الموازية، وذلك على عكس ما حدث خلال الفترة الماضية.
وأضاف، لـ«المصرى اليوم»، أن قرارات «المركزى» تأتى من أجل القضاء على أزمة الدولار، حيث أعلن البنك المركزى أنه اتجه إلى التعويم الحر للجنيه، أى تحرير سعر صرف العملة بالكامل، بحيث لا تتدخل الحكومة أو البنك المركزى فى تحديد سعر الصرف ليحدد العرض والطلب على العملة سعر الصرف بعكس ما كان سابقًا.
حيث كان يتدخل البنك المركزى بما له من صلاحيات فى ضبط التعاملات صعودًا وهبوطًا فى حدود 10%، وإذا استطاعت البنوك الآن تلبية احتياجات عملائها من العملة الأجنبية وتوفيرها للجميع، فإنه سيتم القضاء على السوق الموازية للدولار، وسيؤدى ذلك بالتبعية إلى استقرار أسعار السلع والخدمات المختلفة، حيث إنه صدرت توجيهات رئاسية بالإفراج الجمركى عن جميع البضائع الموجودة فى الموانئ، وفى حالة التنفيذ ستستقر الأسواق بشكل كبير، ومع مرور الوقت سيحدث انخفاض تدريجى للأسعار مرة أخرى.
وتابع: «كما أن قرار البنك المركزى برفع سعر الفائدة دفعة واحدة بـ6% يأتى الهدف منه فى السيطرة على معدلات التضخم التى ستعقب قرار التعويم، كما سيسهم فى جذب الأفراد للعودة إلى إيداع أموالهم لدى البنوك أملًا فى الحصول على معدل فائدة عالٍ، وحتى تستطيع البنوك محاولة استخدام هذه الأموال واستثمارها فى مشروعات ذات جدوى اقتصادية، وحتى يتم النهوض بالاقتصاد مرة أخرى.
كما أن من ضمن فوائد قرار التعويم اليوم تعزيز تحويلات المصريين العاملين بالخارج، خاصةً بعد انخفاضها خلال الفترة الماضية بنسبة كبيرة، والتحول إلى التعامل من خلال السوق الموازية، ومن خلال نظام مقاصة خارج النظام المصرفى، ومن خلال القرار اليوم ستعود التعاملات مرة أخرى وتنتعش نظرًا لتقليل الفجوة بين السوق الرسمية والسوق الموازية».
وأوضح الخبير الاقتصادى أن من أبرز ومن إيجابيات قرارات «المركزى» أنه سيعزز من زيادة الصادرات والاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، وجذب أعداد كبيرة من السائحين خلال الفترة القادمة، ما سيؤدى إلى انتعاش السياحة وخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وهو بمثابة خطوة مهمة فى تصحيح المسار فى ظل التحديات التى تواجهها مصر فى الوقت الحالى.
قال الدكتور مصطفى أبوزيد، مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن قرار البنك المركزى بتحرير سعر الصرف وفقا لآليات السوق ومن تلك الجملة تأتى تأثيرات القرار على توجهات الأفراد فى الاستثمار، خاصة بعد ارتباك السوق السوداء على خلفية قرار البنك المركزى وبالتالى ذلك ساعد سوق الذهب على الانتعاش بسبب توجه الافراد للتحوط والاستثمار فى الذهب بعد تراجع مضاربات ونشاط السوق الموازية بالعملة الدولارية.
وأوضح الخبير الاقتصادى لـ«المصرى اليوم»، أن الارتفاع فى أسعار الذهب لن يكون طويل الأمد، ولكن هذا الارتفاع مجرد عارض وستتراجع الأسعار بعد استقرار سعر الصرف عند الوصول إلى السعر التوازنى للجنيه أمام الدولار، والتى يمكن عندها التسعير العادل ليس فقط للذهب وإنما لكافة السلع والمنتجات المرتبطة بالدولار.
من جانبه، قال الباحث الاقتصادى، محمد محمود عبدالرحيم، إن السبب الرئيسى فى ارتفاع نسبة التضخم فى مصر هو عدم استقرار سعر الصرف، ما يسبب ارتفاعًا لأسعار المنتجات المستوردة بشكل مباشر، هذا بالإضافة إلى ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج للمصانع المحلية، مع عدم توفر الدولار فى البنوك التجارية، وبالتالى يتم تدبير الدولار وفقًا لآليات السوق السوداء، والتى تعتمد على المضاربة، وبالتالى عدم منطقية تسعير الدولار فى كثير من الأوقات، حيث أصبح الدولار سلعة تُباع بغرض الربح.
وأضاف، لـ«المصرى اليوم»: «كان يجب تدخل البنك المركزى بتوفير الدولار فى البنوك التجارية لمحاربة السوق السوداء، ولتحقيق ذلك كان يجب وجود سيولة نقدية دولارية كبيرة تعمل على ضبط سعر الصرف، ولو بشكل جزئى، تزامنًا مع إتمام صفقة رأس الحكمة».
وأشار الخبير الاقتصادى إلى أنه للمرة الأولى منذ عام 2016، يحدث تحريك فى سعر الصرف، وتكون هناك حصيلة دولارية «معقولة» لدى البنك المركزى نتيجة صفقة رأس الحكمة، وهذه الحصيلة ستعمل على تحقيق توازن نسبى لسعر الصرف، وبالتالى تدخل البنك المركزى لتحديد سعر الصرف وفقًا لآليات السوق، وهنا يجب الأخذ فى الاعتبار أن الدولار فى مصر لا يمكن تركه بعيدًا عن رؤية البنك المركزى بشكل أو بآخر، وبالتالى يمكن القول إن «التعويم المُدار» هو الأنسب والأفضل للحالة المصرية، حيث يتم التغيير فى سعر الصرف فى حدود مرنة، مع تدخل البنك المركزى لضبط السعر عند اللزوم.
اكتشاف المزيد من شبكة الريان
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.