رغم قرار وقف القتال.. نيران الحرب في السودان تلاحق نسائم رمضان
بعد مرور أكثر من 11 شهرا على الحرب والاقتتال الداخلى فى السودان؛ يستعد السودان للانتقال إلى مرحلة جديدة من مراحل التدهور، فبعد مجابهة شبح تجزئة السودان وتقسيمه للمرة الثانية، وفى ضوء استمرار الاقتتال الداخلى ما بين القوات النظامية للجيش السودانى بقيادة الفريق عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتى، يواجه السودان شبح تهديد أكبر مجاعة فى العالم.
فى المقابل تعمل المؤسسات الأممية والإقليمية ممثلة فى كل من الأمم المتحدة وأجهزتها على إقرار هدنة لوقف الأعمال القتالية خلال شهر رمضان، وعلى المستوى الإفريقى كل من الاتحاد الإفريقى، والهيئة المعنية بالتنمية فى إفريقيا منظمة «الإيجاد» فى إطار الجهود الإفريقية الرامية لتحقيق السلام فى السودان ووقف الحرب المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، منذ منتصف إبريل 2023.
هدنة رمضانية
وكان مجلس الأمن الدولى قد دعا إلى «وقف فورى» لإطلاق النار فى السودان. وأيَّدت 14 دولة مشروع قرار اقترحته بريطانيا وامتنعت روسيا عن التصويت عليه، يدعو إلى «وقف فورى للأعمال العدائية قبل رمضان»، ويطلب من «جميع أطراف النزاع البحث عن حل دائم عبر الحوار».
ويدعو القرار، جميع الأطراف المتحاربة، إلى «تمكين وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن ودون عوائق، بما فى ذلك عبر الحدود وعبر خطوط التماس، وحماية المدنيين والامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولى الإنسانى». وتشمل تلك الالتزامات حماية المدنيين والأعيان المدنية والتعهدات بموجب «إعلان جدة».
فى السياق ذاته؛ أعلنت قوات الدعم السريع، أمس الأول، ترحيبها بدعوة مجلس الأمن لوقف الحرب فى السودان خلال شهر رمضان، وقالت إنها مستعدة للحوار مع الجيش السودانى حول آليات مراقبة يتم الاتفاق عليها لضمان تحقيق الأهداف الإنسانية. وأضافت قوات الدعم السريع فى بيانها، أنها تأمل فى أن يساعد وقف القتال خلال رمضان فى تخفيف معاناة السودانيين من خلال توصيل المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين وتسهيل حركة المدنيين، وبدء مشاورات جادة نحو جعل وقف إطلاق النار دائماً وحل الأزمة السودانية.
وأوضح البيان: «كما تأمل قوات الدعم السريع فى استغلال وقف إطلاق النار لبدء مشاورات جادة نحو بدء العملية السياسية، التى تفضى إلى وقف دائم لإطلاق النار وتحقيق الأمن والاستقرار والوصول إلى حل شامل للازمة السودانية من جذورها وإعادة تأسيس بلادنا على أسس جديدة عادلة».
الحرب الأهلية تدفع السودان لكارثة إنسانية
تشير عديد التقارير الأممية، ومنظمات حقوق الانسان العاملة فى السودان إلى أن السودان يواجه خطر أكبر مجاعة فى العالم، إلى جانب «أكبر أزمة نزوح فى العالم»؛ حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 14 ألف شخص أغلبهم من المدنيين، وهو رقم من المرجح أن يكون أعلى بكثير فى الواقع قُتلوا منذ بداية الحرب فى إبريل؛ وأُجبر أكثر من 8 ملايين شخص على النزوح وترك منازلهم، مما يجعلها «أكبر أزمة نزوح فى العالم».
كما تشير التقديرات إلى أن نحو 25 مليون شخص فى حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية من أجل البقاء، كما يعانى حوالى 18 مليون سودانى من انعدام الأمن الغذائى الحاد «وهو أعلى رقم يتم تسجيله على الإطلاق خلال موسم الحصاد، ومن المتوقع أن تزداد الأعداد فى الأشهر المقبلة».
وارتفع عدد السودانيين الذين يواجهون مستويات استثنائية من الجوع، وهى مرحلة ما قبل المجاعة، أكثر من ثلاثة أمثال خلال عام واحد، ليصل إلى ما يقرب من خمسة ملايين، وفقا للتصنيف المرحلى المتكامل للأمن الغذائى، وهو مؤشر للأمن الغذائى معترف به عالميا، فى حين يعانى نحو 3.8 مليون طفل دون سن الخامسة سوء تغذية.
انهيار اقتصادى
وعلى المستوى الاقتصادى؛ ونتيجة للقتال الدائر لما يقرب العام، و«بحسب التقديرات الرسمية»، هناك انكماش كبير بنسبة 40 % فى الناتج المحلى الإجمالى لدولة السودان. حيث تأثرت كافة جوانب الاقتصاد السودانى بالسلب نتيجة الصراع الدائر منذ إبريل 2023، وبحسب تقرير للبنك الزراعى السودانى، فقد تراجعت المساحة المزروعة فى السودان بنسبة 60 % مقارنة بالسنوات السابقة. وذلك نتيجة لتركز أعمال القتال فى ولايات شمال السودان المنطقة الزراعية الرئيسية فى البلاد.
ومنذ اندلاع الحرب فى إبريل الماضى، واصل الجنيه السودانى تراجعه أمام العملات الأجنبية، ليخسر أكثر من 50 % من قيمته، حيث يتم تداول الدولار الأمريكى حاليا بأكثر من 1250 جنيها سودانيا فى السوق الموازية، مقابل 600 جنيه سودانى. جنيه قبل الحرب.
وبحسب صندوق النقد الدولى، فإن الحرب رفعت أيضا معدل البطالة فى السودان من 32.14% عام 2022 إلى 47.2 % عام 2024، بينما توقعت دراسة أجراها المعهد الأمريكى للسياسات الغذائية أن يخسر السودان 5 ملايين وظيفة بسبب الحرب.
ووفقا لبيانات صندوق النقد الدولى، قفز معدل التضخم فى السودان إلى 256.17 %، بزيادة قدرها 117.4 %. ومؤخراً، أعلن وزير المالية السودانى جبريل إبراهيم، أن إيرادات البلاد انخفضت بأكثر من 80 % بسبب الحرب المستمرة. وبناءً على تقديرات مختصين، تم تدمير 65% من قطاع الزراعة فى السودان، فى حين دُمّر القطاع الصناعى بنسبة 75%، والقطاع الخدمى بنسبة 70%.
ووفقا للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، فى إحاطته لمجلس الأمن الدولى حول الهدنة فى رمضان، فقد أشار إلى أن الصراع تسبب فى تدمير البنية التحتية فى السودان، موضحا أن أكثر من 70% من المرافق الصحية فى مناطق النزاع خارج الخدمة.
فى هذا السياق؛ قال الدكتور وليد عتلم الكاتب والباحث المتخصص فى الشؤون الإفريقية، إن الحرب فى السودان وبعد مرور أكثر من 11 شهرا تدخل مرحلة أكثر حدة وخطورة فى ضوء اتساع رقعة القتال ونطاقه جغرافيا، وما ينتج عن ذلك من تدهور انسانى غير مسبوق جعل السودان معرضة لخطر أكبر مجاعة فى العالم خاصة ما بين شهرى إبريل ويوليو التى يطلق عليها فى السودان «موسم العجاف» ما بين فترات الحصاد، والتى تتراجع فيها مخزونات المحاصيل بشكل كبير، وهو ما يجعل ما يزيد على 6.3 مليون سودانى على حافة المجاعة.
كما أن أكثر من 42% من سكان البلاد يعانون انعدام الأمن الغذائى، وأكثر من 50% من سكان مناطق النزاع يواجهون الجوع الحاد.
وأضاف الباحث المتخصص فى الشؤون الإفريقية لـ«المصرى اليوم»، أنه نتيجة للقتال المستمر والمتصاعد قسمت السودان بالفعل إلى قسمين: حيث يسيطر الجيش على جزء كبير من الشرق، لكن قوات الدعم السريع شبه العسكرية تسيطر على جزء كبير من الغرب ومعظم العاصمة الخرطوم، وتجتاح الآن قواعد الجيش فى الشرق، ما نتج عنه أضرار بالغة بالبنية التحتية، وأُغلقت المدارس ومرافق الرعاية الصحية، والبنوك، لافتا إلى الخسائر الهائلة فى صفوف المدنيين.
وأشار عتلم إلى أنه بدون وجود سلطة دولة مركزية لفرض النظام، تنزلق البلاد إلى جولات جديدة من العنف على أسس عرقية وقبلية، مشيرا إلى أن قوات الدعم السريع الجامحة وغيرها من جماعات الانتهازيين تقوم بنهب المدن والقرى، وترتكب انتهاكات واسعة النطاق، وتهجّر الأحياء من السكان، وتدفع النخبة والطبقات الوسطى فى السودان إلى النزوح الفرار، وهو ما تسبب فى تداعيات بالغة السوء على الاقتصاد السودانى.
مستقبل الصراع
وحول مستقبل الصراع والسيناريوهات المستقبلية؛ قال عتلم إن أى سيناريو غير السلام الشامل يعرض السودان والمنطقة بأكملها لمخاطر حقيقية، لأنه ولسوء الحظ، يبدو أن الأمور تسير فى الاتجاه الخاطئ، وفى غياب تصحيح المسار، سيستمر الصراع فى التوسع، حيث لم يواجه الهجوم الرئيسى الأول لقوات الدعم السريع فى الشرق مقاومة تذكر من الجيش، الذى تراجع بسرعة، مما صدم السودانيين الذين توقعوا أنه على الرغم من أدائه الضعيف فى الغرب، فإنه سيكون أفضل حالًا فى حماية ساحته الخلفية النهرية التاريخية.
وتابع: «شخصيات بارزة من نظام البشير محسوبة على تيار الإسلام السياسى قد بدأت فى العودة واستغلال الأوضاع الحالية، حيث قامت بتعبئة القوات والميليشيات للقتال داخل الجيش وإلى جانبه، وإعادة إحكام قبضتها على ما تبقى من بيروقراطية الدولة التى يسيطر عليها الجيش».
كما أن هناك مجموعات أخرى فى جميع أنحاء البلاد فى سباق تسلح، وتستعد لحرب طويلة، لذلك؛ ما سيأتى بعد ذلك غير مؤكد.
وعلى مستوى قوات الدعم السريع؛ قال عتلم يبدو أن قوات الدعم السريع مستعدة للضغط على حملتها، وفى السر، يشير مسؤولو قوات الدعم السريع إلى الثقة فى قدرتهم على تحقيق النصر العسكرى فى جميع أنحاء السودان، وسواء كانوا على صواب أم على خطأ، فإن المزيد من تحرك قوات الدعم السريع شرقًا سيكون له ثمن باهظ. وفى معظم أنحاء ولايات الشرق والشمال، يقوم قادة المجتمع المحلى وزعامات القبائل والعشائر بتجميع عشرات الآلاف من الشباب بشكل علنى للدفاع عن مناطقهم الأصلية من قوات الدعم السريع، لذلك لا يمكن التنبؤ على وجه التحديد بما قد ينجم عن هذا التوسع فى الحرب الأهلية، لكن المعارك فى هذه المناطق يمكن أن تكلف الكثير من الأرواح، وتؤدى إلى مزيد من النزوح الجماعى، وتغرق السودان فى فوضى أكبر.
وأضاف الدكتور وليد عتلم؛ قد يدفع تقدم قوات الدعم السريع الدول المجاورة إلى إنشاء مناطق عازلة من خلال تسليح الميليشيات الوكيلة أو حتى الانتشار عبر الحدود، كما أنه من غير المرجح أن تتبنى دول البحر الأحمر مثل مصر والمملكة العربية السعودية وإريتريا جهود قوات الدعم السريع للتوسع نحو بورتسودان، نقطة الدخول البحرية إلى البلاد، ولا إلى ولايات مثل كسلا (على الحدود مع إريتريا) ونهر النيل (جنوب مصر مباشرة)، لأنهم قد يرون فى ذلك خطر زعزعة استقرار المنطقة بأكملها.
ولفت إلى أنه إذا انتقلت قوات الدعم السريع إلى هذه المناطق، فمن المؤكد أن التوترات ستتصاعد، لأسباب ليس أقلها إن جيران السودان الساحليين ينظرون إلى القوات شبه العسكرية على أنها وكلاء لفواعل إقليمية تهدد مصالحها بشكل مباشر، وعلى هذا تقدم قوات الدعم السريع، خاصة إذا بدا الجيش السودانى فى حالة من الفوضى، قد يدفع الدول المجاورة إلى إنشاء مناطق عازلة من خلال تسليح الميليشيات الوكيلة أو حتى الانتشار عبر الحدود، كما حدث فى الصومال، وإذا تحرك أحد الجيران فى هذا الاتجاه، فقد يتبعه سلسلة من الجيران الآخرين، سعياً إلى تأمين مصالحهم.
ذهب عتلم إلى أنه لا يمكن الاعتماد على السيناريو الذى تقوم فيه قوات الدعم السريع بهزيمة الجيش بالكامل، وقمع التنافس بين الفصائل بالقوة، لتحقيق الاستقرار فى السودان، فرغم إن قوات الدعم السريع هى المهيمنة عسكريا، لكنها غير مقبولة سياسيا بالنسبة للعديد من السودانيين، وحميدتى يتمتع بقاعدة اجتماعية ضيقة وينظر إليه فى الغالب بالاشمئزاز خارج المجتمعات العربية الساحلية التى يستمد منها معظم مجنديه الأساسيين.
وتحاول قوات الدعم السريع جاهدة توسيع نطاق جاذبيتها، بما فى ذلك من خلال اللعب على المظالم المشتركة التى يشعر بها الكثيرون من الأطراف تجاه المركز المهيمن، لكن هذا الجهد تقوضه الفظائع التى ارتكبها فى الماضى والحاضر ضد العديد من تلك الجماعات نفسها خاصة فى إقليم دارفور؛ وحتى لو أحرزت تقدماً، فمن المؤكد تقريباً أنها ستزيد من مقاومة المقاومة من قلب نهر البلاد، وعلى الرغم من أن قوات الدعم السريع، مع توسعها شرقًا، تكتسب الدعم من العديد من أمراء الحرب المحليين والمتمردين فى الجيش وأتباعهم، لكن يبدو أن المجندين الجدد مدفوعون بالنهب أو الأجور أو الطموحات المحلية. ومن غير المرجح أن يشكلوا ائتلافا سياسيا متماسكا.
علاوة على ذلك، مع تلاشى ما تبقى من الدولة السودانية فى ظل تقدم قوات الدعم السريع، فمن غير الواضح ما الذى سيحل محلها، لذلك تحاول قوات الدعم السريع إقناع السلطات المحلية والشرطة بالعودة إلى العمل فى المناطق الخاضعة لسيطرتها، وحققت نجاحا متباينا فى هذا الشأن، وقد تكافح قوات الدعم السريع، التى تتألف من مجموعات عرقية فرعية متنافسة ذات مصالح متنافسة، من أجل البقاء معًا بمجرد توقف زخمها العسكرى أو انتهاء الحرب، حتى لو كانت القوات شبه العسكرية منتصرة بشكل أساسى، وبدون تسوية سياسية، فإن السودان يخاطر بالانزلاق إلى حالة من الحرية للجميع مع انتشار الميليشيات المتنافسة وقشرة رقيقة فقط من الحكم.
وأضاف عتلم أن السيناريو الأكثر سوء يتمثل فى انزلاق السودان لمرحلة الحرب الأهلية الشاملة، والتى من شأنها من أن تفتح الباب أمام أمراء الحرب والميليشيات من مختلف المشارب، بما فى ذلك الجهاديين وجماعات التطرف، لملء الفراغ.
ويمكن بعد ذلك أن يمتد عدم الاستقرار إلى منطقة القرن الأفريقى، ومنطقة الساحل، وشمال إفريقيا، وحوض البحر الأحمر، فى حين يدفع المزيد من المهاجرين والنازحين إلى الدول المجاورة المثقلة بالفعل تحت وطأة الأزمة الاقتصادية العالمية أو فى رحلات محفوفة بالمخاطر عبر البحر الأبيض المتوسط، أو إلى الخليج والمشرق، أو حتى أبعد من ذلك كما أن تفكك قوات الأمن فى السودان قد يؤدى أيضاً إلى السماح بتسرب المزيد من الأسلحة إلى منطقة تغمرها هذه الأسلحة بالفعل ما يزيد من حالة التوتر وعدم الاستقرار الإقليمى.
ويرى عتلم أنه رغم عديد التحديات التى تجابه إقرار هدنة طويلة فى السودان أو الشروع فى مفاوضات جادة ومثمرة للسلام؛ إلا أنه يظل هناك منطق واضح لكلا طرفى الصراع فى السودان لاستكشاف التوصل إلى اتفاق. إذ إن عدم شعبية قوات الدعم السريع، لا سيما فى المناطق التى تهيمن عليها النخبة السياسية والثقافية والتجارية فى السودان تاريخياً، فضلاً عن صورتها السلبية فى الخارج، قد يشكل حافزاً لإنهاء الحرب من خلال اتفاق بدلاً من محاولة الاستيلاء على المزيد من الأراضى التى تسعى قوات الدعم السريع بالفعل للسيطرة على مناطق مثل الجزيرة، حيث الأغلبية الساحقة من سكانها معادية لقوات الدعم السريع، ومن المرجح أن تواجه تمرداً مستمراً، فضلاً عن استهجان دولى أكبر، إذا حاولت فرض سيطرتها على معظم أنحاء السودان بقوة السلاح.
علاوة على ذلك، فإن مثل هذه الخطوة تخاطر بإثارة تدخل عسكرى من دول خارجية، مما قد يمنع قوات الدعم السريع من السيطرة الكاملة على البلاد، أو الوصول إلى البحر، أو الاعتراف الدبلوماسى الذى تسعى للحصول عليه.
وعلى مستوى الجيش السودانى؛ قال عتلم، أن استيلاء قوات الدعم السريع على ولاية ود مدنى الاستراتيجية قد كشف عن مكامن خلل وضعف لدى الجيش السودانى بقيادة البرهان، وأن التحديات الميدانية التى يواجهها الجيش السودانى أصبح الجيش أكثر اعتماداً على الميليشيات، وأبرزها تلك التى تتألف من إسلاميين متجددين مرتبطين بالنظام السابق.
وفى أعقاب سقوط ود مدنى، حث وزير خارجية البشير السابق والزعيم الحالى للحركة الإسلامية السودانية، على كرتى، الجيش علناً على الإسراع فى تسليح وتدريب المجندين الذين حشدتهم شخصيات عهد البشير. ووعد البرهان مؤخرا بتسليح المدنيين الراغبين فى القتال. مثل هذه التعبئة المسلحة واسعة النطاق من قبل قادة المجتمع وعناصر نظام البشير السابق يمكن أن تؤدى إلى إضعاف الجيش بشكل أكبر، لكنها فى الوقت ذاته تمثل محفزا مهما لتجاوز عقبات الانخراط فى مفاوضات السلام.
بدوره أكد محيى الدين إبراهيم جمعة الناطق الرسمى للتحالف الديمقراطى للعدالة الاجتماعية وقيادى فى قوى الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية السودانية، أن السودان دخل فى أزمة سياسية حادة بين مكونات الفترة الانتقالية بعد سقوط نظام البشير فى ثورة ديسمبر ٢٠١٨، لافتا إلى أن أسباب الازمة السياسية إلى تعود عدة عوامل يمكن حصرها مجملا فى غياب رؤية سياسية واضحة تدير الفترة الانتقالية، حيث بدأ اول خلاف بين مكونات الفترة الانتقالية وهى مكونات القوى السياسية المدنية المتباينة بين اليسار واليمين والقوة العسكرية التى بها عناصر متباينة أيضا منها داعمة لعملية الانتقال السياسى إلى السودان الجديد ومنها رافضة لفكرة الانتقال. وأضاف لـ«المصرى اليوم» أن الخلاف الأول بدأ فى الملف الاقتصادى فى الفترة الأولى لحكومة عبدالله حمدوك فى التعامل مع صندوق النقد الدولى ورفع الدعم عن المحروقات فضلا عن تعويم العملة. أدى هذه السياسيات الاقتصادية الجديدة إلى أزمة حادة بين مكونات السلطة وأدى إلى أن قدم وزير المالية حينها إبراهيم البدوى استقالته كونه داعما لهذه السياسات.
أيضا ملف العلاقات الخارجية شكل أزمة حقيقية فى تبنى السودان علاقات خارجية منفتحة مع كل الدول لاسيما تطبيع العلاقات مع دولة إسرائيل.
أما على الصعيد السياسى فقال: «أثرت هذه الخلافات فى تحقيق التوافق الوطنى المعقول بين مكونات الفترة الانتقالية وقادت إلى خلافات تسببت فى أزمة دستورية وأقدم الجيش على إخراج القوى المدنية المتباينة عن السلطة فى ٢٥ أكتوبر رغم محاولات حمدوك بمعالجة الازمة بتشكيل عدة لجان وطنية جميعها فشلت فى وحدة الصف الوطنى وتحقيق التوافق حول تلك القضايا الخلافية واستمرت هذه الخلافات، إلى أن شهد السودان حرب ١٥ إبريل.
وتابع: «تراجعت الأوضاع الاقتصادية كثيرا مع تدنى نسبة الإنتاج جراء الحرب الدائرة وانخفاض إيرادات الدولة وتوقف الصادرات وانتهاء المخزون الاستراتيجى فى ولايات عدة خاصة فى ولاية الخرطوم التى بدأت فيها الحرب، وولايات دارفور ولاية جنوب كردفان، وفشل موسم الخريف الأمر الذى يهدد المواطنين فى هذه الولايات بالمجاعة».
وأعلنت منظمات المجتمع المدنى المحلية أن هنالك حالات من الوفيات وسط النساء فى معسكرات النزوح فى دارفور، وكذلك الأطفال، لانقطاع المواد الغذائية وإغلاق الميليشيا لجميع الطرق التى كانت تستخدمها حكومة إقليم دارفور لتوصيل المساعدات الإنسانية إليهم.
وأشار إلى أنه بعد توسع نطاق انتشار ميليشيا الدعم السريع فى وسط السودان، ظهرت مبادرات من القوى السياسية والكيانات المجتمعية بضرورة تبنى المقاومة الشعبية المسلحة للدفاع عن أنفسهم بعد أن جعلتهم الميليشيات جهات مستهدفة وبعد نهب ممتلكاتهم واغتصاب النساء.
وأكد أن هذه المقاومة الشعبية المسلحة منظمة من القوات المسلحة السودانية لعدم انحرافها عن مسارها حتى لا تقود إلى أى مواجهات أهلية. والحديث عن مخاوف نشوب حرب أهلية ومخاوف القوى السياسية المدنية المعارضة لفكرة المقاومة الشعبية المسلحة فى السودان والتى هى متهمة بدعم الميليشيا سياسيا وتمثل غطاءها فى الخارج بقيادة حمدوك الذى يترأس تحالف «تقدم» الذى يتواجد فى أديس أبابا وكينيا وكمبالا.
اكتشاف المزيد من شبكة الريان
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.