سجائر السهرة.. قصة قصيرة لــ بهاء الدين حسن
كلانـا ـ أنا وغَـزّة ـ نحترق، فعلبـة السجائـر لم يتبق منها إلا ثلاث سجائـر وأنـا أحتـاج فى الليلة إلى تسـع سجائر على الأقل، لمـواصلة مشــاهـدة النيران، التى تحرق شعب غـزّة، والتى تحرك فىّ رغبة إشعال السجائر. فالنــار التى تشتعـل فى غــزّة، والنــار التى تشعــل القدّاحــة، كلاهمـا يتدفق من بئر نفط واحــدة، يقف عليـها رجال بعمائم بيضاء، يدلون بدلوهم ويصبون ويملأون لرجال من ذوى البرانيط، فماذا أفعـل والليل قـد قارب على الانتصاف، ودكاكين المدينة سكّرت أبوابها؟!
أفكــر فى أن أتسحب وأدخــل غرفــة نــوم أبى، لأســرق لى ست سجائــر من سجائــره الفاخــرة، حتى أقضى الليلة بدون حرمان من التدخين، لكن أخشى أن تشعر بى زوجــة أبى الشابــة، التى تقضى الليـل سهرانـة على الشـات، تقهقه مع المدردشين بضحكـات رقيعــة، بينمــا أبى ينـام مجـردا من جلبابه، ويغط فى نـوم عميق، بسرواله الفضفاض وفانلته المنحسرة التى تعرى كِرشه، بعـد أن تعاطى الكثير من المنشطات، التى حذره منهـا الأطباء، حفاظا على قلبه المريض، وأخاف أن تعتقد زوجة أبى ـ الرابعــة فى تعــداد زوجاتــه ـ أننى أتلصص عليها.
أفكــر فى الخــروج إلى حديقـة المنــزل، وأن أقف تحت غرفــة نوم أبى وأنادى على زوجـة أبى الشابة، على أننى من كنت أدردش معها، وأننى جئت إليهــا بعـد أن فاض بى الشوق، لتقــوم وتتسحب من جوار أبى الملقى كجوال أرز بقميص نـومها، وتخرج إلى الحديقة، لملاقاة صديقهــا الافتراضى على أرض الواقـع فى الحديقة، وأدخل غرفــة نــوم أبى، دون أن يشعــر بى أحــد، لأسعد بأخـذ ست سجائــر من علبتــه، وأجلس فى غرفتى حتى تنتهى القنـاة الفضائيــة من عرض أحــداث غــزّة، وتعـرض فيلـم السهرة، الذى أعلنت عنه، عن قصة المرأة التى تبيع جسدها.
اكتشاف المزيد من شبكة الريان
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.