وزير الزراعة اللبنانى لـ«المصرى اليوم»: كل شجرة زيتون أحرقتها إسرائيل سنزرع عشرًا بدلا منها
قال الدكتور عباس الحاج حسن، وزير الزراعة اللبنانى، إن الغذاء محدد رئيسى لاستقرار القرار السياسى للدول، وإن الحرب الأوكرانية «أزمة أمن غذائى»، كما أن العدوان الإسرائيلى على جنوب لبنان قضى على أكثر من 65 ألف شجرة زيتون منها أشجار معمرة تتجاوز 300 عام.
وأضاف «عباس الحاج»، فى حوار لـ«المصرى اليوم»، أن الحرب الدائرة حاليا فى غزة «عملية إجرامية» بحتة، ومن أكثر العمليات ضد الإنسانية فى تاريخ البشرية، وأن أزمة الأمن الغذائى العربى تكمن فى عدم وجود مخزون استراتيجى، وأنه لابد من عمل جماعى لمواجهة مخاطر المناخ على القطاع الزراعى.
وأوضح الوزير اللبنانى أن لمصر دورًا أساسيًا فى نهضة الاستزراع السمكى والأهم الاستفادة من النجاح المصرى عربيا أو بالتعاون مع لبنان، وأن قطاع تربية النحل «واعد جدا» ونتطلع للمزيد من تصدير العسل إلى الخارج لخدمة الاقتصاد اللبنانى.. وإلى تفاصيل الحوار:
■ ما علاقة الأمن الغذائى بالأمن القومى العربى؟
– علاقة يمكن القول إنها متشابكة ومتلاصقة لا يمكن الفصل بينها، فلا يوجد أمن قومى عربى إذا كان الأمن الغذائى مهتزا، وأتحدث عن أمن غذائى يشكل يوميات الناس وسلة غذاء الناس وعن خبز الناس، وتتصور معى أن دولة ما غير قادرة على إطعام شعبها فأين الأمن القومى؟.
■ ماذا عن مستقبل الزراعة وسبل مواجهة تحديات المناخ؟
– المستقبل باتجاه القطاع الزراعى، وباتجاه المساحات الزراعية، وباتجاه أمن المناخ. اليوم فى المنطقة هناك هاجس واحد. هو كيفية مواكبة ومواءمة ومساعدة الطبيعة على التخفيف من التغيرات المناخية، وأتساءل هل نحن قادرون؟ أقول لك نعم، ولكن هذه النعم دونها عمل شاق عمل جبار، قطاع عام وقطاع خاص، قطاع أهلى ومدنى ومثقفين، ورأى عام كل ذلك يجب تسجيله فى سبيل أن نصل إلى خواتيم إيجابية وهدف أسمى اسمه الإنسانية المطلقة فى سبيل خدمة الإنسان، إن كان فى مصر أو فى لبنان أو فى باقى دول المنطقة، والأمن الغذائى يرتبط بالعلاقة التشابكية بين دور الحكومات ومنظمات المجتمع المدنى والمنظمات الأهلية والمنظمات العربية والمنظمات الدولية.
■ كيف ترى إطار التعاون حاليا بين هذه الجهات؟
– للأسف التعاون فاشل جدا.
■ لماذا لا تكون هناك قمة للزراعة العربية بحضور رؤساء الحكومات ورؤساء الدول والملوك والأمراء على غرار قمة «الفاو» فى روما؟
– هذا مطلب جميل جدا ورائد جدا، وأنا سأذهب معك أبعد من ذلك، لماذا أيضا لا تعقد قمة «الفاو» فى المنطقة العربية بدل أن تعقد فى روما وسنطلب كدول عربية من منظمة «الفاو» أن تعقد اجتماعها أو قمتها الدورية فى المنطقة العربية فى أى دولة من دول العالم العربى لأننا لسنا جزءا من العالم فقط ولكننا جزء ونواة أساسية فى صناعة الأمن الغذائى لكل العالم، وليس فقط للوطن العربى.
■ كيف ترى ما يحدث فى قطاع غزة؟
– هو عملية إجرامية بحتة لا يمكن وصفها إلا أنها من اكثر العمليات ضد الإنسانية فى تاريخ البشرية.
■ هل تأثر لبنان بالحرب فى غزة؟
– العدوان الإسرائيلى يستهدف مناطق شاسعة فى الجنوب اللبنانى. ويستهدف القطاع الزراعى بالتحديد. حيث قضى حتى على 65 ألف شجرة زيتون سيدى الكريم بعضها من الأشجار المعمرة لأعمال تصل إلى ما بين 250 – 300 عاما حيث تقصفنا إسرائيل بالفسفور الأبيض، حتى يحرق مساحات شاسعة إن كان من الأشجار المثمرة أو الأشجار الحرجية فى الغابات، ناهيك عن نفوق عدد الآلاف من الطيور والأبقار والأغنام. وبالإضافة إلى مستودعات أعلاف كبيرة فى جنوب لبنان التأثير كبير جدا، وتحديدا على إنتاج اليوم من الزيتون وزيت الزيتون لأن الموسم الكبير لإنتاج الزيتون يكون فى الجنوب ولم يقدر المواطنون اللبنانيون فى الجنوب على أن قطف ثمار الزيتون اه طبعا طبعا، بالإضافة إلى تضرر عدد كبير من المزروعات إن كانت خضروات أو فواكه وغيره. ولكن نتحدث عن الزيتون لأنه الحصة الأكبر من هذا الإجرام والاعتداء طالت خمسا وستين ألف شجرة زيتون.
■ لكن هذه النتائج كارثية اقتصاديا.. كيف السبيل للخلاص؟
– فى لبنان تحديدا، نحن أمة لا تموت، ونحن أمة خبرنا الحرب، وكلما ازدادت الحرب علينا زادتنا قوة، وكل شجرة زيتون أحرقتها إسرائيل سنزرع عشرا بدلا منها، وحتى نقول إننا كما انتصرنا بشتلة التبغ فى عام 2000 وصمد أهلنا فى الجنوب اللبنانى، مسيحيين ومسلمين، سننتصر بإذن الله تعالى وستكون عنوان اليوم الشراكة الوطنية فى الدفاع عن أرضنا وحقنا وكرامتنا هو شجرة الزيتون لأنها زيتونة مباركة لا شرقية ولا غربية.
■ كيف ترى الوضع الحالى للتبادل التجارى فى المنتجات الزراعية بين مصر ولبنان؟
– عندما نتحدث عن مصر والعلاقات مع مصر صدقنى أقول لك بكل محبة إن مصر نتعامل معها كأشقاء وكإخوة لا نبتغى التجارة معها فقط بل هى علاقات ودية أخوية وطالما كان هناك احتضان إن كان لبنانيا للتجار المصريين أو مصريا للتجار اللبنانيين، ومصر وقفت إلى جانبنا فى أحلك الظروف والعلاقة سلسة. كان هناك بعض العقبات فى بعض المواسم لله الحمد تم تذليلها.
■ حدثنا عن العلاقة بينكم وبين وزير الزراعة المصرى؟
– هناك خط ساخن يومى تقريبا أو شبه يومى بينى وبين وزير الزراعة المصرى الذى أحييه وأقدم له كل احترام وتقدير لأنه أخ وعزيز وصديق وأيضا سعادة سفير مصر فى بيروت السفير السابق ونتمنى أيضا للسفير الحالى أن يكون خير خلف لخير سلف. وأيضا السفير اللبنانى فى القاهرة والجامعة العربية الذى لا يترك أى جهد فى سبيل أن تكون العلاقات التجارية الزراعية البينية بين علاقات أخوة وتكامل لا أكثر واللقاءات متكررة وإن كانت إلى القاهرة ونحن دائما ننتظر زيارة وزير الزراعة إلى بيروت.
■ ماذا عن المشروعات المشتركة مع مصر؟
– طبعا نتحدث اليوم عن العلاقة البينية وعن التجارة سواء واردات وصادرات من لبنان ومصر نتحدث عن أن هناك مشروعا كبيرا فى الاستزراع السمكى بالشراكة العربية للتنمية الزراعية نعول عليه كثيرا جدا، وبالإضافة أيضا إلى إمكانية أن تكون هناك لقاءات بين الغرف التجارية والصناعة والمصدرين المصريين واللبنانيين لمزيد من التعاون ولمزيد من التشبيك لأنه هناك زراعات جديدة وتقنيات جديدة ويمكن لنا الاستعانة بالخبرات المصرية. وأيضا يمكن لمصر أن تستعين بالكادرات اللبنانية الموجودة فى وزارة الزراعة إن كان من خلال عمليات التحريش أو من خلال القطاع الحيوانى الذى لدينا خبرات كبيرة جدا ونتابع دائما دورات إن كان فى القارة الأوروبية أو فى الأمريكتين.
■ ما أهم الصادرات الزراعية بين البلدين؟
– هناك روزنامة زراعية بين البلدين محكومة بقانون وهى الوحيدة فى كل العالم التى تربطنا بمصر وهذه الرزنامة الزراعية ضمن قانون فى مجلس النواب اللبنانى وهذا القانون يحدد الفترات التى نستورد منها من مصر بعض المنتجات وتستورد مصر منا على سبيل المثال لا الحصر نستورد من مصر البطاطس فى وقت لا يكون فيه إنتاج لبنانى لا فى منطقة البقاع ولا فى منطقة عكار خلال الفترة من الأول من فبراير وحتى 31 مارس بكميات محددة فى المقابل مصر تفتح أبوابها لكل التفاح والمواسم الصيفية يتم تصدير العنب وغيره، وبالتالى الميزان التجارى أعتقد انه لن يكون متكافئا وهذا طبيعى جدا لأن حجم الاقتصاد المصرى شىء وحجم لبنان شىء ولكن نقول إنه بالمعنى الأخوى هو ميزان جيد وميزان يضبطه إيقاع من ذهب.
■ كيف ترى العلاقة مع المنظمات التابعة لجامعة الدول العربية؟
– فيما يتعلق بالمنظمات العربية دعنى أشيد بدور منظمة المركز العربى لدراسات المناطق الجافة والأراضى القاحلة «أكساد» فيما يتعلق بمنظومة زراعة محاصيل الغذاء بداية من زراعة القمح وهناك استعانة بتقاو متميزة من القمح تنتجها منظمة «أكساد» لزراعتها فى لبنان وهى من أنواع القمح الطرى لأغراض إنتاج الخبز وخبراء «أكساد» طوروا ونجحوا فى استنباط نوعية من القمح هى من الأصناف المتميزة من ناحية مقاومة مرض الصدأ الأصفر وأكثر تحملا لظروف الجفاف وأعلى إنتاجية من الأصناف الأخرى، ونحن فى لبنان استخدمنا هذه الأصناف العام الماضى وسوف نستخدمها هذا العام، وهناك أيضا شراكة مع المنظمة العربية للتنمية الزراعية بما ينعكس على زيادة المساحات المزروعة من القمح الطرى لأننى أعتبر أن هذا المشروع هو مشروع وطنى قومى بامتياز يجب أن نستكمله فى لبنان وفى كل العالم العربى.
■ وماذا عن التعاون مع منظمة «أكساد»؟
– منظمة «أكساد» أعتقد اليوم جازما أنها تلعب دورا مركزيا فى صناعة الأمن الغذائى من خلال خبرائها من خلال علمائها الذين يعملون ليل نهار ليس فقط فى موضوع إن كان قمحا أو شعيرا أو بقوليات بل أيضا فى القطاع الحيوانى وفى ملفات زراعات النخيل وفى موضوع الزيتون فى مختلف القطاعات وهذا دليل أيضا على أننا كجامعة عربية وكعرب لدينا عقول ولدينا قدرة على الإدارة ولدينا مرونة فى التعامل ولدينا قدرة على استيعاب الصدمات والعودة من جديد وبالتالى هذا يؤكد مرة جديدة أننا قادرون على أن نكون شركاء فعليين حقيقيين فى صناعة الأمن الغذائى العربى والعالم.
■ وكيف ترى مشروعات الاستزراع السمكى والصوب الزراعية؟
– وضعت المنظمة العربية للتنمية الزراعية نقاطا للنقاش فيها حتى يتم الأخذ بها وعندما يتم هذا الأمر يثار تنظيم عقد لقاء ثلاثى حتى نستعين بالخبرات المصرية الموجودة فى هذا القطاع لأنه قطاع واعد جدا، وخلال الزيارة الأخيرة لى إلى مصر ذهبت إلى الإسكندرية وشاهدت حجم التطور والنمو فى هذا قطاع الاستزراع السمكى فى المياه المالحة والمياه العذبة وبالتالى أعتقد أن لمصر دورا أساسيا فى نهضة هذا القطاع إن كان فى الداخل المصرى أو بشراكة مع لبنان أو فى العالم العربى بشكل عام.
■ وماذا عن قطاع تربية النحل؟
– أعتقد أن هذا القطاع يحصد الأهمية لصغار المربين وهو العسل وتربية النحل، وطبعا تربية النحل تحظى بالأهمية الكبرى لدى وزارة الزراعة اللبنانى حيث التقيت فتحى بحيرى رئيس اتحاد النحالين العرب وذلك لسببين أساسيين هما أننى أؤمن بأن لديهم أيضا أفكارا ومشاريع وخبرات وتقنيات ونستطيع أن نتشارك بها، وثانيا لأننى التقيت وفد اتحاد النحالين العرب فى بيروت وتم الاتفاق على استكمال هذا الملف من خلال آليات واضحة للنهوض بهذا القطاع الحيوى لارتباطه بالأمن الغذائى أو يرتبط بقطاع تصدير عسل النحل حيث نجحت لبنان فى فتح السوق الأوروبية وبالتالى فإن فتح هذا الباب يجب أن نحافظ عليه بل نفتح أبوابا أخرى. وهذا الأمر لا يتحقق إلا من خلال المتابعة والمواكبة والملائمة والمواءمة وأيضا كيفية الإرشاد لمربى النحل الصغار والكبار، وهو أمر أعود وأكرر لك واعد جدا إن كان عملية تجارية فهو عملية تجارية رابحة جدا. وثانيا والأهم أنها يمكن أن تكون منتشرة فى كل المناطق اللبنانية على مساحة الدولة اللبنانية.
■ ماذا عن مشاكل المناخ؟
– أعود وأكرر لك اليوم أنه لا شك أن مشاكل المناخ موجودة ولكن أيضا الطبيعة دائما تعود وتخترع الحلول لها، وبالتالى يجب على الإنسان أن يواكب وأن يوائم أن يساعد، ونحن كلما زرعنا مساحات خضراء ساعدنا انفسنا أولا وساعدنا العالم بشكل عام على أن تتنفس هذه الطبيعة وتعود كميات متساقطات الأمطار وتعود الدورة المناخية إلى ما كانت عليه فى السابق، حتى نعود لنستثمر فى الفصول الأربعة التى كانت موجودة فى بعض بلداننا العربية، مثل لبنان على سبيل المثال، ونبتعد عن الفيضانات. وإن كان على هطول الأمطار الذى كان يمتد على مدى أربعة أو خمسة اشهر. اليوم نشاهد أن هطول الأمطار ينحصر فى يوم يسبب كوارث بدل أن يكون نعمة من الله سبحانه وتعالى.
اكتشاف المزيد من شبكة الريان
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.