الموتُ لا يكفى ليُسقطَ (غزّةْ).. شعر لــ جبر على البعدانى – اليمن
الموتُ لا يكفى ليُسقطَ (غزّةْ)
وبقدرِ ما قُصفتْ تزيدُ (معزَّةْ)
فنساؤها رغمَ الرصاصِ شوامخٌ
ورجالُها رغمَ الجراح أعِزّةْ
صعدوا وقد عبروا صراط خلودِهم
قتلى فموتُ الثائرين مُنزّه
(أغزّةَ) مَنْ يرثون حقًّا وآلَها؟!
ويبكون كالأطفالِ مما جرى لَها
و(غزةُ) لو يدرون أمٌّ لِجُودِها
ستُقرى المنايا يومَ تأتى عيالَها
وتملأُ فنجانَ الشهادةِ قهوةً
بنكهةِ (أقصاها) فهزوا (دِلالَها)
ولا تعذلوها لو تشيخُ صبيةً
ولا تسألوا عمّا سيعدلُ حالَها
وعَنْ موتِها المنشورِ فى كلِّ صفحةٍ
تغاضوا فليسوا فى الرزايا رجالَها
فما ثمّ مَنْ يُنخى إذا بهمُ انْتختْ
ومن لى؟! إذا نادتْ يجيبُ سؤالَها
على المنعشاتِ الآن تحيا وكلّما
أقولُ لقد صحّتْ شهْدتُ اعتلالَها
بلى أيّها الأ(غ)رابُ فالـ(ع)ين حُرّمتْ
عليكم إلى أنْ تستعيدَ جلالها!
(فغزّةُ) تدرى قبل كلِّ مصيبةٍ
بأنّ على ربِّ العبادِ اتّكالَها
و(غزّةُ) والأحزانَ جسمٌ وظِلَّهُ
ففى أى يومٍ سَوفَ تُلقى ظِلالَها؟!
قضتْ عُمْرَها بحثًا عَنِ العيشِ وانتهى
بها العمرُ والدنيا ترومُ اغتيالَها
كأنَّ شنيعَ الموتِ شدَّ رحالَهُ
إليها وما شدّتْ إليهِ رحالَها
ومأساتُها أَلّا تمرَّ ببالنا
كثيرًا وأنّا لا نغادرُ بالَها
فما هربتْ بالموتِ خوفَ أذيّةٍ
ولكنَّما الخدلانُ فاقَ احْتمالَها
مناراتُها هُدّتْ فمِنْ أىّ مسجدٍ
تنادونَ أذّنْ فى الورى يا بلالَها؟!
وحىّ على ماذا؟! وقد مات كلُّ مَنْ
عليها وأنتم ترقبونَ مآلَها
لقد أُحرِقتْ زرعًا وضرعًا فما الذى
تبقّى ليبتاعَ الطغاةُ غِلالَها؟!
ولمّا إلى خطو اللصوص تنبّهتْ
رأتكم جمعيًا تنهبون سلالَها
فأمٌّ تعيلُ الكونَ يكذبُ خانعٌ
تصوَّرَ أنْ بعد الإلهِ أعالَها
يقولون دُكّتْ ثُمَّ تظهرُ نسوةٌ
يطاولنَ فى أرضِ الصمودِ جبالَها
فبنتُ السماواتِ التى ما تدنّستْ
تموتُ ولكنْ لا تُطيقُ احتلالَها
تطرّفَ أهلُ البغى فى قتلِ أهلِها
ويرجونَ منها- لو تثورُ- اعتدَالَها
فهل تعبرُ الصحراءَ مِنْ دونَ صُحبةٍ
وقد عقرتْ صهيونُ- بغيًا جِمالَها؟!
بلى مِنْ صميم الموتِ تُولدُ (غزّةٌ)
وتُعلنُ مِنْ تحتِ الرمادِ اشتعالَها
فما طائرُ الفينيقِ غَيرُ إشارةٍ
لتحملَ نحو الممكناتِ مُحالَها
ومِنْ كلِّ غزّىٍّ يفوحُ كرامةً
ستنسجُ عذراءُ المدائنِ شالَها
وفى كلِّ فجرٍ سوف تعرزُ خنجرًا
بصدر الذين يؤمّلون زوالَها
فواللهِ ما بالشعرِ لكنَّ بالذّى
بِنا مِنْ دمٍ حُرٍّ نصوغُ خصالَها
يرى العالَمُ المسعورُ (غزّةَ) أجرمتْ
ويرمون بالإرهابِ إفْكًا نضالَها
وأشرفُ مَنْ فيهم برغم حيادهِ
على أهلِها صبَّ الخطايا وكالَها
ولو أنّها الحربُ الشريفةُ لن ترى
بهم فارسًا شهمًا يودُّ سجالَها
فماذا عليها والنّوايا تلطّختْ
إذا عَنْ صراعِ الشرِّ تنوى اعْتزالَها؟!
وإن منعوا (الجوّالَ) عنّها تجبّرًا
فلنْ يمنعوا باللهِ قطُّ اتّصالَها
و(هاتفُ)ــها الرّوحىُّ فى أىّ لحظةٍ
يرنُّ فلا تنسى السماءُ ابْتهالَها
«حرامٌ عليكم» لا تقولُ تذلّلًا
(فغزّةُ) أدرى كيف تُعلى حلالَها
لها أنّها عفّتْ فحتّى عَن الرّؤى
تحجّبُ/ لو مرّتْ عرايا/ خيالَها
وإنْ لابساتُ الضوءِ مِنْ كُلِّ شُرفةٍ
يغازلْنَ بالنجماتِ ليلًا هِلالَها
(فغزّةُ) تحت القصفِ مِنْ فرطِ عفّةٍ
على رأسِها غطّتْ لتحفظَ شالَها
ورغم الذى قد صار تبدو أنيقةً
كما لو تزيدُ الموجعاتُ جمالَها
ستلقى عِصىَّ الحُسنِ فى يومِ زينةٍ
بها فاتناتُ الكونِ تُلقى حبالَها
حرونٌ أبت إلّا على قلب مُغرمٍ
أمالَ لها غصن الهوى فاستمالها
(فغزّةُ) لعزٌ طلسمَ اللهُ حَزْرَهُ
وما شاعرٌ مهما تقوّلَ قالَها
وأكبرَ مِنْ شِعرى أراها فمدّنى
لأسطيعَ- يا جهدَ المُقِلِّ- اخْتزالَها
فلولا أخافُ النقصَ فى كلِّ كاملٍ
لأقسمتُ أنّى قد شهدتُ اكْتمالَها
كطفلٌ تمنّى أنْ ينالَ شهادةً
بها يدخلُ الفردوسَ طيرًا فنالَها
لتحتفلَ الجنّاتُ عند دخولهِ
بضيفٍ سماوىٍّ يطوفُ خلالَها
فمرحى بموتٍ مثل هذا مُشَرِّفٍ
ومنزلةٍ نسعى إلى أنْ نطالَها
رصاصُ بنيها الحىُّ أصدقُ مَنْ روى
وأشعرُ مَنْ صاغَ القريضَ حِيالَها
وكلُّ الذى قد قيلَ دونَ مسدسٍ
هراءٌ فخلّوا للسلاحِ ارتجالَها
ففى (غزّةَ) التاريخُ يخلعُ وجهَهُ
ويمسحُ بالمصبوغِ منهُ نعالَها
اكتشاف المزيد من شبكة الريان
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.