يوم المرأة العالمى.. بالأرقام.. معاناة نساء غزة فى الحرب


احتفل العالم بيوم المرأة، أمس، وسط ظروف عصيبة تكابدها المرأة الفلسطينية، التى أهدرت كرامتها وانتهكت حقوقها فى ظروف من القهر والتمييز والعنف الممنهج، لم يسبق أن شهد العالم لها مثيلًا.

وفى اليوم العالمى للمرأة، تتجه الأنظار للأوضاع المأساوية للمرأة الفلسطينية فى غزة، والتى تتحمل بمفردها وطأة ويلات الحرب وتداعياتها، من تهجير ونزوح فى ظروف كارثية تنعدم فيها أدنى مقومات الحياة، بعد حرب إسرائيلية غير مسبوقة دخلت شهرها السادس.

وقبل أيام، أعرب صندوق الأمم المتحدة للسكان عن شعوره بـ«الفزع» إزاء تقارير تفيد بـ«تعرض نساء وفتيات فلسطينيات بغزة للضرب أو الاعتقال أو الإهانة أو الاغتصاب أو الإعدام على يد ضباط إسرائيليين»، مشددًا على أن النساء والفتيات لسن أهدافًا.

استشهاد 9 آلاف امرأة

أعلنت هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن أكثر من 9 آلاف امرأة وفتاة استشهدن حتى الآن منذ بدء الحرب على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضى غزة.

ونشر الجهاز المركزى للإحصاء الفلسطينى، الخميس، تقريرًا استعرض فيه أوضاع المرأة الفلسطينية، عشية يوم المرأة العالمى، وكشف حجم المعاناة التى تعانى منها النساء الفلسطينيات منذ بدء العدوان الصهيونى عقب أحداث السابع من أكتوبر الماضى.

وأكد التقرير أن 9 آلاف أنثى استُشهدن منذ بدء العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، من إجمالى عدد الشهداء البالغ 30.717 شهيدًا، وذلك منذ بدء العدوان فى السابع من أكتوبر 2023، ويبين التقرير أن 75% من إجمالى عدد الجرحى البالغ 72.156 جريحًا هم من الإناث، وشكلت النساء والأطفال ما نسبته 70% من المفقودين البالغ عددهم 7000 شخص، لافتًا إلى أن الإناث يشكلن ما نسبته 49% من إجمالى عدد السكان فى فلسطين، إذ بلغ عددهن 2.76 مليون أنثى فى منتصف عام 2024، بواقع 1.63 مليون أنثى فى الضفة الغربية، و1.13 مليون أنثى فى قطاع غزة.

وفيما يخص الضفة الغربية المحتلة، أفاد «المركزى للإحصاء» الفلسطينى بأن هناك 4 فلسطينيات استُشهدن، من إجمالى 423 شهيدًا فى الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر الماضى، كما لفت التقرير إلى أنه خلال العام المُنصرم اعتُقلت 300 امرأة من الضفة الغربية، منهن 200 منذ بدء العدوان الصهيونى على قطاع غزة، أمّا على مستوى مدينة القدس المحتلة، فاعتقل العدو 165 امرأة منهن 84 خلال العدوان الصهيونى على قطاع غزة.

فى المقابل أكد التقرير أنه على مستوى قطاع غزة لا تتوفر معطيات دقيقة فى ضوء جريمة الإخفاء القسرى التى يواصل العدو الصهيونى تنفيذها بحق معتقلات غزة، وتشير بيانات هيئة شؤون الأسرى الفلسطينية إلى أن الاحتلال الإسرائيلى ما زال يعتقل 56 معتقلة فى سجونه بواقع 44 معتقلة من الضفة الغربية و3 معتقلات من قطاع غزة، و9 معتقلات من أراضى الـ48 المحتلة، منهن 5 معتقلات صدر بحقهن محكوميات، و40 معتقلة موقوفة، و11 معتقلة قيد الاعتقال الإدارى وبين المعتقلات القابعات فى سجون العدو هناك قاصرتان.

ولفت التقرير إلى أنه تؤكد المعطيات الصحية فى قطاع غزة وجود تحديات جمة تواجه النساء الحوامل، إذ تشير إلى وجود حوالى 60 ألف امرأة حامل فى القطاع، بمعدل 180 حالة ولادة يوميًّا، ومن المرجح أن تعانى نحو 15 فى المائة من هؤلاء النساء مضاعفات الحمل والولادة التى يصعب علاجها بسبب نقص الرعاية الطبية، كما أن عدد الولادات المبكرة لدى النساء قد ارتفع بنسبة الثلث تقريبًا بسبب عوامل مثل التوتر والصدمات، ومنهن من أجهضن نتيجة الخوف، ما أدى إلى ازدياد حالات الإجهاض بنسبة 300%.

وكشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية ونادى الأسير الفلسطينى، فى بيان مشترك، أن إدارة سجون الاحتلال أعلنت فى نهاية شهر نوفمبر الماضى عن وجود 260 معتقلة من قطاع غزة صُنفن مقاومات.

60 ألف امرأة حامل يعانين سوء التغذية

قالت وزارة الصحة فى قطاع غزة إن هناك نحو 60 ألف امرأة فلسطينية حامل فى القطاع يعانين سوء التغذية والجفاف جراء العدوان الإسرائيلى المتواصل على القطاع.

5 آلاف امرأة يلدن شهريًّا

وفى يوم المرأة العالمى، قالت الصحة الفلسطينية إن النساء يشكلن 49% من سكان القطاع ومعظمهن فى سن الإنجاب، وإن نحو 5 آلاف سيدة يلدن شهريًا فى ظروف قاسية وغير آمنة ولا صحية نتيجة القصف والتشريد. وفى 19 فبراير، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» من أن الارتفاع الحاد لسوء التغذية بين الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات فى قطاع غزة يشكل تهديدًا خطيرًا على صحتهم، خاصة مع استمرار الحرب المدمرة.

استشهاد 37 أُمًّا يوميًّا

وبلغة الأرقام، خلال هذه الحرب على غزة، تُستشهد 63 امرأة بينهن 37 أُمًّا يوميًّا، كما تستشهد 2 من الأمهات كل ساعة وفق أرقام أممية.

سيدتان فلسطينيتان تتحسران على المنازل التى دمرها الاحتلال الإسرائيلى بقطاع غزة

نزوح نحو مليون امرأة

ومنذ 7 أكتوبر الماضى نزح 1.9 مليون نسمة بينهم نحو مليون امرأة وفتاة، وهناك ما لا يقل عن 3 آلاف امرأة أصبحن أرامل ويحاولن إعالة أسرهن، فى ظل عدم توفر أماكن آمنة للناجيات بالقدر الكافى. وتتفاقم صعوبات النساء فى ظل النقص فى الغذاء وفقدان نساء أزواجهن ومعيلى أسرهن، ورغم ذلك يواصلن رحلة البحث عن الطعام وإعالة الأسر وحماية الأبناء.

أما الحوامل منهن فيقاسين ظروفًا تهدد حياتهن وهن يواجهن احتمال الولادة بعمليات قيصرية دون مسكنات أو تخدير أو تدخل جراحى أو حتى احتياطات صحية، ولا تتوقف معاناة النساء فى غزة عند هذا الحد فحسب؛ بل تتعرض الحوامل والمرضعات إلى مخاطر صحية وسوء تغذية، بينما لا تستطيع النساء الأكبر سنًّا الوصول لأماكن توزيع الغذاء بسبب وضعهن. وتتنوع مأساة الفلسطينيات الحوامل أثناء الحرب الحالية فى غزة وسط أوضاع مأساوية ومشاعر من الألم والخوف على رضعهن وأطفالهن مما هو آتٍ، وفى ظل ضغوط نفسية بسبب الآثار الكارثية للحرب بدءًا من ترك منازلهن، مرورًا بفقدان مقومات الحياة، وصولًا لفقدان أفراد من عائلاتهن وأطفالهن.

وطبقًا لتقارير صندوق الأمم المتحدة للسكان فى الأراضى الفلسطينية، باتت عمليات الولادة فى غزة محفوفة بالمخاطر، فهناك نحو 180 امرأة فى غزة يخضعن يوميًّا لعمليات ولادة، بينهن أعداد يلدن قبل الأوان بسبب الظروف العصيبة التى يكابدنها يوميًّا. وفى ظل الحصار الاسرائيلى انهارت بشكل تام الرعاية الصحية التى تتلقاها الأم الفلسطينية وطفلها فى مستشفى الحلو- المشفى الرئيسى للولادة فى مدينة غزة.

وبحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان، من المتوقع أن تلد أكثر من 5500 امرأة هذا الشهر بينهن 840 امرأة من المحتمل أن يتعرضن لمضاعفات صحية، فى ظل تعطل الخدمات فى المستشفيات ونفاد الوقود
وانقطاع الكهرباء.

وطبقًا لتقديرات صندوق الأمم المتحدة للسكان، وهو وكالة دولية تعمل على تعزيز حقوق النساء فيما يتعلق بالصحة الإنجابية، وضعت 5500 فلسطينية حملهن فى غزة خلال الشهر الأول من الصراع فى ظل نقص رهيب للإمدادات الطبية.

المستلزمات الصحية النسوية

قال صندوق الأمم المتحدة للسكان إن فلسطينيات غزة يعشن ظروفًا لا تطاق فى مراكز الإيواء ولا يستطعن استخدام دورات المياه إلا بعد الوقوف فى طوابير لفترات طويلة، ولا يجدن المياه اللازمة للنظافة والاستحمام، مما يؤدى إلى أزمة نظافة وإصابة العديد منهن بأمراض نسائية، وأخرى معدية، ومع استمرار الحصار الإسرائيلى وإغلاق المعابر توقف إمداد فلسطينيات غزة بالمستلزمات الصحية النسوية.

وتفيد تقديرات الصندوق بأن حوالى 700 ألف امرأة وفتاة فلسطينية لا يحصلن خلال فترة الحيض «إلا بشكل محدود على منتجات النظافة الخاصة بالدورة الشهرية» بل إن بعضهن اضطررن إلى تناول حبات منع الحمل بهدف تعليق الدورة، وهكذا ذهبت خصوصية المرأة الفلسطينية فى غزة أدراج الرياح، فحتى النوم وحدهن داخل غرف خاصة بمراكز النزوح المكتظة أصبح من سابع المستحيلات.

ونشرت مؤسسة «أكشن إيد فلسطين» تقريرًا صادمًا تحدث عن معاناة عشرات الآلاف من النساء الحوامل من الجوع الشديد وسوء التغذية، مما يحد من قدرتهن على إرضاع أطفالهن حديثى الولادة من خلال الرضاعة الطبيعية. وأضافت «أكشن إيد» أن 50000 امرأة حامل، و68000 مرضع فى غزة، طبقًا لبيانات الأمم المتحدة، بحاجة إلى تدخلات وقائية وعلاجية وغذائية فورية لإنقاذ حياتهن، إضافة إلى إصابة أكثر من 8000 طفل دون سن الخامسة بالهزال، يتهددهم تأخر النمو والمرض والوفاة، هذا علاوة عن معاناة أكثر من 4000 طفل من حالات الهزال الشديد.

وقالت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة، ريم السالم، إن النساء فى غزة يتعرضن لمعاملة «غير إنسانية ومهينة»، معربة عن قلقها «العميق» إزاء ذلك، كما تحدثت عن الصعوبات التى تواجهها النساء والفتيات فى قطاع غزة والعنف الذى يتعرضن له، إلى جانب هجمات مكثفة وحصار تفرضه إسرائيل على القطاع، مشددة على أن العديد من العاملين الميدانيين «لا يجدون الكلمات المناسبة لوصف ما يواجهه الفلسطينيون فى غزة، ومستوى الألم والرعب الميدانى الذى لا يوصف»، ووصفت غزة بأنها «جحيم حقيقى». وأكدت المسؤولة الأممية أن الهجمات الإسرائيلية طالت النساء والأطفال، فقد «قُتل أكثر من 30 ألف فلسطينى، 70% منهم من النساء والأطفال، ومن غير المقبول السماح باستمرار هذه الإبادة الجماعية ضد النساء والأطفال الفلسطينيين. إنهم يتعرضون لجرائم حرب، لأنهم فلسطينيون، ولأنهن نساء فلسطينيات».

ضحايا النساء

أوضحت المقررة الأممية أن آلاف النساء تأثرن بما يحدث فى غزة، موضحة أنهن فى غزة يفقدن أزواجهن، و«كل ساعة تقتل أمّان، ويصبح عدد لا يحصى من الأطفال يتامى. بشكل متعمد، يعانى الناس فى غزة من الجوع، ولا يمكن للمساعدات الإنسانية الوصول إلى حيث ينبغى أن تكون».

وتابعت: «تضطر النساء الحوامل إلى إنهاء حملهن تحت القصف ونقص الخدمات الصحية، وهناك نساء يُجبرن على الولادة دون الحصول على تخدير أو دعم حقيقى، فى بيئة تدمر فيها جزء كبير من القطاع الطبى»، منتقدة خطاب الكراهية الذى يستخدمه مواطنون ومسؤولون إسرائيليون ضد النساء، من أجل «شرعنة قتل النساء الفلسطينيات».

تقارير موثقة

وأشارت «السالم» إلى تقرير مشترك نشر الأسبوع الماضى، بتوقيع عدد من مقررى الأمم المتحدة، مبينة أنهم تطرقوا فيه إلى معاناة المدنيين الفلسطينيين وخاصة النساء والأطفال، وأوضحت أنهم تمكنوا من الوصول إلى تقارير موثوقة عن عمليات إعدام مباشر خارج نطاق القضاء لنساء فلسطينيات مع أطفالهن، فضلًا عن الاعتقال التعسفى والإخفاء والنقل إلى أماكن احتجاز فى الضفة الغربية وإسرائيل. ولفتت المقررة الأممية إلى أنه تم أيضًا نقل عاملين فى مجال الرعاية الصحية ومدافعين عن حقوق الإنسان والأطفال إلى مراكز احتجاز إسرائيلية، مردفة: «علمنا أنه تم نقل طفل إلى إسرائيل، وكما تعلمون فهذه جريمة حرب، وعمل يمكن اعتباره عملًا من أعمال الإبادة الجماعية ضمن نطاق اتفاقية الإبادة الجماعية».

احتجاز وتعذيب النساء

وقالت «السالم» إن نحو 200 امرأة وفتاة من أصل 3 آلاف فلسطينى محتجزون فى غزة بين السابع من أكتوبر و31 ديسمبر من العام الماضى، إضافة إلى أن 147 امرأة و245 طفلًا من بين 3700 فلسطينى محتجزون فى الضفة الغربية. وأضافت: «أعربنا فى التقرير عن قلقنا العميق إزاء المعاملة اللاإنسانية والمهينة التى تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات، أولئك يواجهن معاملة سيئة، مثل الضرب والتنمر والحرمان من المساعدة الطبية وعدم التمكن من الحصول على الرعاية الصحية الكافية والغذاء، ومنعهن من مقابلة المحامين».

وذكرت المقررة الأممية أن النساء فى غزة يواجهن أيضًا «تهديدات بالاعتداء الجنسى والاغتصاب»، متحدثة عن تقارير «مروعة» تتحدث عن «تجريد نساء فلسطينيات من ملابسهن وتصويرهن فى أوضاع مُهينة، وخاصة أثناء الاستجواب». وأضافت أن «هناك نساء فى غزة تم تجريدهن من حجابهن بعد اعتقالهن وتفتيشهن من قبل ضباط الشرطة الذكور، حيث تعرضن للتصوير وتبادل الجنود الإسرائيليون صورهن فيما بينهم وعلى الإنترنت، فى انتهاك لقوانين الحرب».



اكتشاف المزيد من شبكة الريان

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من شبكة الريان

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading