أزمات وتحديات ضخمة تضع سوق السيارات الصينية داخل دائرة الخطر !
تواجه الأسواق الصينية منذ ما يزيد عن عام عدة تحديات منها أزمة القطاع العقارى المشابهة لأزمة الرهن العقارى التى واجهتها أمريكا عام 2008 وتسببت فى انهيار اقتصادى بالغ داخل الولايات المتحدة وخارجها مع إفلاس العديد من الشركات والبنوك .. واليوم تعيش الصين صورة مشابهة لكن مع اختلاف النظام السياسى حيث بلغت الأزمة ذروتها بعد عطلة السنة الصينية القمرية .. ليتفاجأ الكثيرين بمجموعة صدمات، أقلها خطابات بتخفيض رواتبهم بهوامش تتراوح بين 30 – 50%، وآخرين بتسريحهم من وظائفهم – سواء بمنحهم تعويضات هزيلة لا تكفيهم لشهور قليلة، أو حتى بدون أية تعويضات !!.
تتصدر الصين كالدولة الأولى عالمياً فى الصناعة والإستهلاك من السيارات – وأثرت الأزمة سلباً على أغلبية الشركات الصغيرة والكبيرة فى القطاع، والتى يتخصص أغلبها بصناعة السيارات الكهربائية ومستلزماتها وصناعاتها المغذية.. اقتصرت شركات السيارات الرابحة فى الصين خلال 2023 على تيسلا وBYD، الصانع الأكبر عالمياً للسيارات الكهربائية، الذى ضاعف إنتاجه لـ3 مليون سيارة كهربائية بالعام الأخير مع إجمالى استثمارات بلغت 4,5 مليار يوان صينى ، كما توسع لـ15 سوقاً أوروبية خلال عام 2023 ، وأنشأ 3 مصانع جديدة بالبرازيل، تزامناً مع السعى القوى لدخول المكسيك كبوابة لأسواق أمريكا الشمالية، كتهديد صناعى صريح للولايات المتحدة الأمريكية ، التى زاد تصديرها العام الماضى بنسبة 67% بإجمالى 5,2 مليون سيارة منها 1,8 مركبة كهربائية.
بينما تعانى بقية الشركات منذ مطلع العام الجارى من نقص الطلب على سياراتها ، واشتعال “حرب الأسعار” بين المصنعين ، لتطول النتائج السلبية كل من الصناع والموردين وحتى التجار، فقد أوضحت تقارير الشركات الصينية بيع وتصدير 2,4 مليون سيارة، بنسبة إنخفاض 23% فى يناير 2024 عن مثيله بالعام الماضى ، مع تصريحات رسمية لرؤساء الشركات الكبرى للسيارات فى الصين بالمعاناة من نقص الدعم الحكومى الذى اعتادوا عليه منذ 2010 ووصلت معدلاته السنوية لـ40 مليار يوان، مما أضعف حجم الإنتاج وخفض أسعار عدة سيارات صينية وخاصةً الكهربائية منها، التى قاربت و انخفض بعضها عن السيارات العاملة بالبنزين، بل شهدت السيارات العاملة بالبنزين نفسها تخفيضات كبيرة خلال الشهر الماضى، كل ذلك أدى لانسحاب عدة شركات صغيرة من السوق لعدم قدرتها على مجاراة تلك المصاعب الإقتصادية.. وأخيراً، يترقب الجميع داخل الصين هذا الأسبوع نتائج مؤتمر الحزب الشيوعى الحاكم الذى سيناقش كافة تلك الأبعاد وقراره بخصوص الدعم المالى للشركات.. تواصلنا ببعض العاملين والخبراء بالسوق لاستقاء آراءهم حول هذا الأمر حيث يقول الكابتن/ عمرو الشرقاوى – الرئيس التنفيذى لمجموعة الشرقاوى للسيارات : “نتابع كل مجريات السوق الصينية بشكل عام وبسوق السيارات بشكل خاص لكوننا أحد المستثمرين بمشروع إستيراد وتجميع سيارات إحدى العلامات الصينية الشهيرة، الأمر الذى زاد حرصنا فى اختيار التوقيتات المناسبة ، فلا شك أن استثماراتنا الكبيرة فى هذا المشروع بدءاً بالدراسات غير العادية للمشروع، ووصولا إلى التوقيع مع الشركة الأم على الوكالة، وتحضيراً لمراحل البيع والتصنيع … جميعها تجعلنا أكثر حرصاً على توقيت خطواتنا بالتنسيق المستمر مع الشركة الصينية الأم“.. من جانبه أشار خبير وإستشارى السيارات أحمد المزاحى قائلاً: ” إن أزمة الصين الإقتصادية تجعلنا أكثر حرصاً بتعاملاتنا المختلفة مع الجانب الصينى، خاصةً بالنسبة للشركات الراغبة بالإستثمار فى توكيلات لسيارات جديدة فى ظل معطيات السوق الصينية المتأرجحة واحتمالية توقف عدة الشركات الصينية، واندماج آخرين لإنقاذ الموقف، من المهم أيضاً حرص الوكلاء الحاليين على وجود مخزون معقول للسيارات المستوردة من الصين سواء تامة الصنع CBU أو كأجزاء للتجميع المحلى CKD تجنباً لأية مفاجآت بنقص الكميات الواردة لمصر ما سيؤثر بدوره على أعمالهم وكذلك على عملائهم بالتبعية..
سواءً بخفض مبيعات السيارات أو نقص قطع الغيار“.. أما المهندس/ عماد رسمى – رئيس مجلس إدارة كينج لونج إيجيبت فقد علق قائلاً: ” لا أنكر استفادتنا على المدى القصير من تخفيضات أسعار سيارات Golf Cart الكهربائية التى نقوم باستيرادها من الصين، إلا أننا قد عانينا وبشكل كبير من عدم مرونة فتح الاعتمادات المستندية لاستيراد مايكروباصات كينج لونج سواءً تامة الصنع أو الأجزاء التى نقوم بتجميعها محلياً بمصنع مجموعة الأمل للسيارات، الأمر الذى كبدنا العديد من الخسائر التصنيعية لنقص الكميات المنتجة إضافةً للتغيرات المستمرة بأسعار الدولار. بينما لم تؤثر علينا أزمة الصين بشكل ملحوظ خاصةً لما ذكرته من إنخفاض ملحوظ بأرقام استيرادنا منهم“.. وعلى مستوى المنطقة العربية ، كان لنا اتصال بالشيخ/ عيسى المطيرى – وكيل سيارات زوتى وكايى بالسوق الكويتية والذى صرح: “نعم إن السوق الصينية وخاصةً بقطاع السيارات الكهربائية تعانى بصورة واضحة ولكنها مثل كل من السوق الأمريكية والألمانية واللتان غيرتا من خططهما التصنيعية، ما أثر على أهدافهم بهذا القطاع من صناعة السيارات، فانخفضت نسبة مبيعات السوق الألمانية للسيارات الكهربائية من 16% إلى 10% خلال الشهرين الأخيرين ، فيما تسعى تيسلا الأمريكية لتطوير تصنيع السيارات الكهربائية إلى العاملة بالهيدروجين، أما عن مدى تأثر الشركات الصينية فبلا شك ستتمكن الشركات الأكثر تجذراً وملكية مع الحكومة من الصمود ، فيما ستتأثر الشركات الخاصة الصغيرة“.. وأضاف المطيرى قائلاً: “تتمتع العقلية الصينية بحلول سريعة، لذا نرى هذه الأيام سعى الشركات الصينية لمنح أسعار مخفضة للأسواق الأكثر قدرة على الاستيعاب حالياً شأن الخليجية منها والأسواق الأفريقية، لمعالجة الأمر بصورة إيجابية من هذه الأزمة ، وتحقيق مكسب لكافة الأطراف“.. لا يمكننا التنبؤ “الدقيق” بما هو قادم خاصةً مع الوضع السياسى والاستراتيجى للحكومة الصينية، إلا أن أغلب خبراء الإقتصاد بالعالم يرون أن معاناة دولة بمثل هذه الضخامة من أزمة ديون وانخفاض بالقدرات الشرائية، مع تزايد الضغط على الشركات، والتخوف الكبير من انهيارات محتملة بالأسهم، .. تجعلهم فى حالة ترقب غير إيجابية.
اكتشاف المزيد من شبكة الريان
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.