«المصري اليوم» ترصد مشاهد مصرع 4 شقيقات وابنة خالتهن في حريق أرض اللواء


«إرادة ربنا.. هربت من جحيم إلى جحيم.. ولادى الـ4 ماتوا ومعاهم بنت أخت مراتى.. هنعيش لمين؟!».. قالها محمد حمزة، الشاب الثلاثينى، الذي نزح من ويلات الصراع في بلاده بالسودان، قبل 3 سنوات، ليعيش برفقة أسرته بشقة مستأجرة في أرض اللواء بالجيزة، والتى احترقت بعد نزوله بـ5 دقائق خلف زوجته إلى عملهما، جراء ماس كهربائى، حسبما رجحت عناصر المعمل الجنائي، في تقرير أولى بشأن أسباب وقوع الحادث.

المشهد الأول.. الـ7، مساء أمس، تغادر «حليمة» على شقتها إلى كوبرى مزلقان أرض اللواء لتبدل «شيفت» مع أختها «رقية»، إذ تبيعان «التوابل السودانية»، وتركت زوجها «محمد» مع بناتهما «مها» و«مروة»، كبراهما 7 سنوات، والتوأمتان «حسنة» و«حسينة»، عامان، وابنة شقيقتها، الطفلة «فاطمة»، 5 سنوات.
قُبلات من «حليمة» على رؤوس بناتها وابنة أختها كانت الوداع الأخير، قبل أن يؤكد الزوج: «خلى أختك ماتتأخرش على العيال»، ويشرح لها سيناريو يومه من بعد نزولها: «هشرب القهوة، وهنزل أشتغل على (التوك توك)» وتتمتم بدعوات: (ربنا يوسع عليك، ويرزقك برزقنا)»، كان المشهد الثانى.

5 دقائق بالتمام فصلت ما بين مغادرة «محمد» لشقته وزوجته لعملهما، وما إن انطلق الشاب الثلاثينى بـ«التوك توك» إلى شوارع المنطقة الشعبية بحثًا عن «لقمة العيش»، حتى باغته صوت زوجته تصرخ في اتصال هاتفى: «إلحقنى.. البيت ولع بالعيال»، هكذا بدا المشهد الثالث صادمًا وقاسيًا على الأبوين.

يعود الأبوان إلى شقتهما، تصدمهما النيران التي خرجت من الشرفات وأفزعت الأهالى الذين كانوا بالعشرات أمام العقار، ينهار «محمد»، يصعد مسكنه، يحطم الباب، وتطال النيران يديه وتحرقه، ويعاونه جيرانه في إطفاء النار تزامنًا مع وصول قوات الحماية المدنية، ساعتان كاملتان حتى خمدت النيران تمامًا، تنفس الجميع الصعداء، سجّل المشهد الرابع أمل آباء الطفلات في نجاتهن من موت محقق.

دول راحوا شهدا

تطلب «الحماية المدنية» من المسعفين الصعود، وداخل أكياس بلاستيكية سوداء اللون، يعبئون جثث الطفلات الشقيقات الـ4 وابنة خالتهن، يجهش «محمد» بالبكاء على «فلذة كبده»، وزوجته وشقيقتها يصيبهما الإغماء، ويقول الرجل من بين دموعه: «أتخيل أنا إزاى بعد نزولى من البيت، عيالى تروح منى في غمضة عين»، هكذا المشهد الخامس.

تغادر الإسعاف إلى المستشفى لإيداع الجثامين ثلاجة حفظ الموتى، إذ قررت النيابة العامة ذلك، وسط لوعة الآباء على بناتهم، حيث أخذوا ينادونهن بأسمائهن: «يا مروة.. يا حسنة.. يا حسينة.. ردوا رايحين على فين؟»، ويرتمون أمام السيارات أحيانًا طلبًا لإلقاء نظرة وداع، والأهالى من حولهم يهدئونهم: «دول راحوا شهدا عند ربنا»، المشهد السادس من الحادث، لا ينساه شهود العيان.

«الأدلة الجنائية» تصعد إلى الشقة محل الواقعة، يتحفظون على آثار الرماد، ويجرون المعاينات اللازمة للوقوف على أسباب الحريق، ثم يغادرون المكان، الذي دُمر عن آخره، مع تأكيدهم مبدئيًّا حدوث ماس كهربائى، أحدث حريقًا، مصدره إحدى الوصلات العشوائية بمسكن الضحايا، يرصد المشهد السابع تطورات الحريق.

النيابة العامة تعين حراسات أمنية مشدّدة على العقار محل الحريق، والذى أُغلق بالأقفال الحديدية لمنع الدخول إليه، بعد مغادرة سكانه، وفصل التيار الكهربائى والغاز الطبيعى عنه، كان ذلك في المشهد الثامن من موقع الحادث.

حريق أرض اللواء
حريق أرض اللواء
حريق أرض اللواء

عايزة عيالي

صباح اليوم التالى، يحضر والد الطفلات الـ4 إلى مسجد الهادى القريب من المنزل لطلب سيارة لحمل الجثامين من المستشفى إلى مثواها الأخير، عقب حصوله على تصريح دفن، ويلتف من حوله الأهالى، وتحمر عيناه من فرط البكاء: «عيالى راحوا.. هعيش لمين.. مها ومروة كانوا بينزلوا يروحوا المدرسة والحضانة، وحسنة وحسينة التوأم أجمل هدية راحوا حاضنين بعض، زى ما تولدوا مع بعض فارقوا الحياة مع بعض مع إخواتهم، وفاطمة بنت أخت مراتى كانت ماسكة فيهم».. يسجل المشهد التاسع انتهاء الفاجعة.

أمام سيارة نقل الموتى، يسأل الأهالى «محمد»: «هُمّه عيالك لعبوا في نار أو ولعوا في حاجة»، ورغم حزنه الشديد، وقسوة مناقشته، يُجيب: «منعرفش إيه اللى حصل.. كل يوم بنسيبهم.. ومن خوفنا عليهم، طلبنا من أخت مراتى الحضور للقاهرة والعيش برفقتنا، على أن تبدل مع زوجتى العمل على (فرشة) بيع التوابل، وأثناء عودة أخت مراتى حدثت الكارثة!». ملتاعة، تدوى زوجته بصرخات متتالية: «عايزة عيالى».. وتنتهى حكاية الطفلات الـ5 إلى الأبد، في المشهد العاشر.

حريق أرض اللواء
حريق أرض اللواء
حريق أرض اللواء



اكتشاف المزيد من شبكة الريان

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من شبكة الريان

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading