بعد قطيعة 7 سنوات .. إيران والسودان علاقات غامضة واستثمار في الأزمات (خاص)
شهدت العلاقات السودانية الإيرانية، التي أُعيد استئنافها، في 10 أكتوبر 2023، تاريخًا متذبذبًا، وذلك بعد قطيعة 7 سنوات بقرار من الخرطوم على إثر أزمة اقتحام السفارة السعودية في إيران، في عام 2016.
ومع تصاعد الصراع، ونشوب حروب وأزمات في المنطقة، استأنفت طهران والسودان العلاقات الدبلوماسية أكتوبر الماضي، وقال بيان الخارجية السودانية، إن «حكومتي البلدين اتفقتا على تطوير العلاقات الودية بينهما على أساس الاحترام المتبادل والمساواة والمصالح المشتركة والتعايش السلمي».
كما اتفق الجانبان على توسيع التعاون بينهما في مختلف المجالات التي من شأنها تحقيق مصالح شعبي البلدين، وخدمة أمن واستقرار المنطقة، إضافة للاتفاق على اتخاذ إجراءات فتح سفارتي البلدين قريبًا وإجراء الترتيبات لتبادل الوفود الرسمية.
علاقة مُتجددة
وبعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين طهران والسودان، قررت إيران دعم الجيش السوداني الذي يتزعمه عبدالفتاح البرهان في صراعه العسكري الذي يخوضه ضد قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو «حميدتي»، وأمدته بعتاد عسكري من ضمنه طائرات مسيَّرة من طراز «مهاجر 6».
حرص إيران على التواجد في البحر الاحمر
في هذا السياق قال محمد خيري، الباحث في الفلسفة السياسية، إن عودة العلاقات الدبلوماسية بين السودان وإيران فتحت المجال أمام طهران لتطلب من السودان الحصول على منفذ لها على البحر الأحمر من خلال إقامة قاعدة عسكرية بحرية على الأراضي السودانية المطلة على البحر الأحمر، لافتًا إلى أن الطلب الإيراني قوبل بالرفض لإدراك السودان أن هناك مخططا ما وراء حرص طهران على التواجد في البحر الأحمر.
الاستثمار في الأزمات
وأضاف خيري، في تصريحات خاصة لـ«المصري اليوم» أن الوضع الحالي المتأزم في البحر الأحمر نتيجة أحد أذرع إيران في المنطقة، متسائلا: «فما بالنا لو تواجدت إيران نفسها من خلال البحرية الإيرانية أو الحرس الثوري في البحر الأحمر؟!».
وأشار خيري إلى أنه مادامت إيران تحرص على طلب التواجد من خلال السودان، فإنها تدرك جيدًا أنها تصطاد في الماء العكر من خلال الاستثمار في أزمات الدول.
تحركات مريبة
وأشار إلى أن إيران اعتمدت على دعمها العسكري للجيش السوداني من خلال إمداده بالطائرات المسيرة الانتحارية كما فعلت مع روسيا، من أجل أن تضمن لها طلبات مجابة من الجانب السوداني إذا طلب أن تتواجد في البحر الأحمر رسميًا وتهدد الملاحة من وقت لأخر بحكم وجود قاعدة لها في المنطقة.
وشدد خيري على ضرورة أن يفطن الجيش السوداني والمسؤلين في السودان لطبيعة الدور الإيراني في الإقليم، وشكل التحركات الإيرانية، التي عادت ما تتسبب في أزمات كبيرة على المستويات كافة، وبالتالي يجب تحجيم النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط.
بدوره أكد محمد ربيع الديهي الباحث بمركز الحوار للدراسات السياسية والإعلامية أن العلاقة بين إيران والسودان كانت وثيقة، في ظل حكم الحركة الإسلامية السودانية التي كانت بزعامة الترابي والرئيس البشير منذ عام 1989، واستمرت هذه العلاقة حتى يناير 2016، حيث انقطعت في «العلن» نتيجة لاقتحام سفارة السعودية في طهران، ومع التسوية بين الرياض وطهران، انحسرت هذه التوترات، واستؤنفت العلاقات بين إيران السودان من جديد.
مخاوف غربية
وأشار البديهي في تصريحات لـ«المصري اليوم»، إلى أن عودة العلاقات بين إيران والسودان يزيد من المخاوف الغربية والامريكية، في ظل تصاعد الاعمال التي تنفذها اذرع ايران في المنطقة تجاه الغرب ودولة الاحتلال الاسرائيلي مثل العمليات التي ينفذها الحوثي في البحر الاحمر، مما يعني تعزيز الحضور الأمريكي العسكري بالمنطقة، بما في ذلك في البحر الأحمر، خاصة بعد استهداف جماعة الحوثي باليمن “السفن المتوجهة لدولة لاحتلال في مضيق باب المندب.
تأسيس نفوذ عسكري إيراني بالسودان
وأوضح الديهي إلى أن التأسيس لنفوذ عسكري إيراني في السـودان يتبعه توسع النفوذ الإيراني إلى سواحل البحر الأحمر، وقد يفتح موضع قدم لها بالموانئ السـودانية على الممر التجاري بالغ الأهمية لكل من مصر، والسعودية، والأردن، فضلا عن تحقق هدف إيران القديم المتمثل في الحصول على موطئ قدم دائم على سواحل البحر الأحمر والقرن الأفريقي.
حضور إيراني في الشرق الأوسط
ولعل من ضمن تداعيات الحضور الايراني في السودان هو احتمالات تعميق العلاقات مع الاتحاد الافريقي وطهران، بعد أن مارست كل من السعودية ومصر والسودان والمغرب ونيجيريا ضغوطا على دول الاتحاد الأفريقي لقطع العلاقات مع إيران عقب اقتحام السفارة السعودية بطهران.
وعلى صعيد متصل أوضح الديهي أن الجيش السوداني يمكن أن يستفيد من العلاقات مع طهران من خلال امداد إيران له بعتاد عسكري مما يؤثر ويساعد المؤسسة العسكرية في الصمود لفترة أطول في الحرب واستنزاف الخصم، كما يمكن أن تسعى إيران لاستعادة حضورها القوي في السودان والمنطقة التي تمتد بطول الساحل الشرقي لأفريقيا، حيث يساعد التقارب الأخير مع السودان طهران على إعادة تموضعها في منطقة شرق أفريقيا.
تاريخ غامض من العلاقات
وخلال العقود الخمسة الماضية، مرَّت العلاقة السودانية الإيرانية بتوترات عديدة لعل أبرزها دعم السودان خلال تلك الفترة للعراق في حربه ضد إيران (1980- 1988)، بعد ذلك اتهم الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري إيران، العام 1985، بتسليح جماعة «الإخوان المسلمين» لمناهضة حكمه، وهو العام الذي أطيح به في انتفاضة شعبية.
وبعدما تسلَّم المشير عبدالرحمن سوار الذهب مقاليد الحكم في السودان شهدت العلاقات الثنائية نشاطًا رفيع المستوى وفق المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية الذي أشار إلى أن تلك الفترة مهدت لمدة انتقالية في السودان ثم تلاها حكم الجماعات الإسلامية الموالية لإيران.
وفي عام 1989، وصل عمر البشير إلى السلطة بانقلاب عسكري، واتجه لتعزيز علاقاته مع طهران، وكانت إيران حينها مزودًا للسلاح لنظام البشير الذي كان يخوض خلال فترة التسعينيات حروبًا داخلية.
كما لعب الحرس الثوري الإيراني أدوارًا مهمة في السودان خلال تلك الفترة، وفي يناير عام 2016، اقتحم متظاهرون إيرانيون السفارة السعودية في طهران، وعلى إثر الحادثة أعلن السودان قطع علاقاته الدبلوماسية مع طهران.
ووفق وكالة «بلومبيرغ» الأمريكية، فإن إيران لديها أطماع بفرض سيطرتها على البحر الأحمر، من خلال الساحل السوداني الذي يبلغ طوله 800 كم.
اكتشاف المزيد من شبكة الريان
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.