تفاعل عالمي حول «المجند الأمريكي» الذي أشعل النار في نفسه أمام السفارة الإسرائيلية بواشنطن
«بوعزيزى أمريكا»، هو الاسم الجديد الذى أطلقه رواد السوشيال ميديا على «آرون بوشنل» الذى أحرق نفسه أمس الأول أمام السفارة الإسرائيلية فى واشنطن، طالبا الحرية لفلسطين. وسبب هذا اللقب انه توفى بنفس الطريقة التى توفى بها محمد البوعزيزى رمز «ثورة الياسمين» التونسية عام 2011، احتجاجاً على إهانة تعرَّض لها من السلطات التونسية حينها. وأصبح «آرون بوعزيزى» موضوعاً ساخناً على مواقع التواصل الاجتماعى فى كل مكان حيث تصدرت صورته وتعليقات على ما فعله «السوشيال ميديا».
تفاعل عربى وعالمى واسع مع المجند الأمريكى، آرون بوشنل، بعد انتشار مقطع فيديو وهو يُضرم النار فى نفسه أمام مقر سفارة تل أبيب لدى واشنطن، للتنديد بالإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين فى قطاع غزة.
عاصفة من الإشادات العربية الواسعة، بما فيها حركة المقاومة الفلسطينية «حماس»، التى أصدرت بيانًا تُعرب فيه عن تعازيها، وحمَّلت إدارة الرئيس بايدن المسؤولية.
وقالت حماس: «خلَّد بوشنل اسمه كمدافع عن القيم الإنسانية ومظلومية الشعب الفلسطينى المكلوم بسبب الإدارة الأمريكية وسياساتها الظالمة، كما الناشطة الأمريكية راشيل كورى التى سحقتها جرافة صهيونية فى رفح فى عام 2003، وهى نفس المدينة التى دفع بوشنل حياته ثمنًا للضغط على حكومة بلاده لمنع الجيش الصهيونى المجرم من الهجوم عليها واقتراف مجازر وانتهاكات فيها».
وأضافت: «سيبقى البطل آرون بوشنل خالدًا فى ذاكرة شعبنا الفلسطينى وأحرار العالم، ورمزًا لروح التضامن الإنسانى العالمى مع شعبنا وقضيته العادلة».
وقابل ذلك تعتيم تام من الصحافة العالمية عن دوافع الواقعة، كما تجاهلت وسائل الإعلام الأمريكية الشهيرة تفاصيل الواقعة، وذكرت فى عناوين الأخبار الواقعة فقط دون التطرق للسبب الذى دفع المجند لإحراق نفسه أمام السفارة الإسرائيلية.
وعمدت صحيفة «نيويورك تايمز» وموقع «سى إن إن» إلى التطرق إلى الخبر دون ذكر فلسطين أو غزة، باعتبارها سببًا وحيدًا أدى لاحتجاج المجند الأمريكى وإضرام النار فى نفسه، ومن ثم وفاته.
وأطلق مغردون وناشطون عرب على المجند الأمريكى لقب «بوعزيزى أمريكا»، فى إشارة إلى محمد البوعزيزى، رمز الثورة التونسية فى عام 2011، الذى توفى بالطريقة نفسها احتجاجًا على إهانة تعرَّض لها من السلطات التونسية حينها، مشيدين بإقدامه على الاحتجاج نصرة لفلسطين: «بوعزيزى أمريكا مات وهو يقول الحرية لفلسطين».
ووثّق المجند الأمريكى آرون بوشنل، 25 عامًا، لحظة إشعال النار فى نفسه عبر بث مباشر على منصة «تويتش»، ووضع علم فلسطين خلفية للفيديو، وكتب عليه «فلسطين حرة»، وأظهر مقطع الفيديو الذى تم تداوله على نطاق واسع، توجه بوشنل نحو السفارة الإسرائيلية بواشنطن، وسكب الوقود على رأسه وأضرم النار وهو يصرخ مرارًا «الحرية لفلسطين» حتى توقف عن التنفس.
وقبل أن يحرق نفسه عرَّف نفسه على أنه عضو فى القوات الجوية الأمريكية، قائلًا: «لن أكون متواطئًا بعد الآن فى الإبادة الجماعية فى غزة، سأنظم الآن احتجاجًا عنيفًا للغاية، لكن احتجاجى ليس كبيرًا مقارنة بما يعيشه الفلسطينيون على أيدى محتليهم»، وفى نهاية الفيديو قال: «فلسطين حرة».
وأظهر مقطع الفيديو أحد أفراد شرطة السفارة الإسرائيلية وهو يقول لـ«بوشنل»: «استلقِ على الأرض»، فيما قال الشرطى الآخر: «نحتاج إلى مطفأة حريق وليس مسدسًا».
وأعلنت شرطة واشنطن، الإثنين، وفاة المجند آرون بوشنل، الذى يخدم فى القوات الجوية الأمريكية، متأثرًا بجراحه، فيما وصفت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» وفاة «بوشنل» بأنه حادث مأساوى، وقال المتحدث باسم البنتاجون إن وزير الدفاع الأمريكى، لويد أوستن، يتابع الوضع.
ونشر رئيس مجلس إدارة منظمة «الرؤية الوطنية» (PVA) وممثلها فى الأمم المتحدة، محمد صفا، صورة «بوشنل» بين ألسنة اللهب، وقال: «هذه الصورة يجب أن تأخذ مكانها فى الصفحة الأولى لجميع صحف العالم».
وبحسب ما نقلته شبكة «سى إن إن» الأمريكية، أكدت المتحدثة باسم القوات الجوية الأمريكية، روز رايلى، أن آرون بوشنل، كان عسكريًا فى قيادة القوات الجوية، وأستطيع أن أؤكد أن هذا الشخص هو طيار فى الخدمة الفعلية حاليًا.
وبحسب معلومات أوردتها وكالات الأنباء، فإن «بوشنل» حاصل على درجة البكالوريوس فى هندسة البرمجيات من جامعة ويسترن جوفرنرز بولاية يوتا، درس علوم الحاسوب وحصل على شهادة «CompTIA Security» للأمن السيبرانى فى سبتمبر 2020 من جامعة ميريلاند.
ويذكر الحساب الشخصى لـ«بوشنل» على موقع «LinkedIn» مشاركته فى تلقى تدريب أساسى وفنى فى القوات الجوية الأمريكية لمدة 7 أشهر، ومراقبة البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات لمدة عامين.
وكان «بوشنل» يعمل مهندس «ديف أوبس» فى البرمجيات ضمن القوات الجوية، كما عمل متخصصًا فى تكنولوجيا المعلومات وتطوير الشبكات فى شركة «Paraclete Press» بين عامى 2015 و2017، ووفق حسابه على «فيسبوك»، فإن «بوشنل» يتابع صفحة مجتمع «طلاب من أجل العدالة فى فلسطين» التى تأسست فى جامعة ولاية كينت.
وعلى الجانب الآخر، رفضت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» التعليق على حادث وفاة الجندى الأمريكى الذى أقدم على حرق نفسه أمام السفارة الإسرائيلية، وأكدت أن أى معلومات بشأن الجندى والحادث من اختصاص شرطة واشنطن، وأن وزير الدفاع يتابع الحادث منذ لحظة وقوعه. وأعلنت القوات الجوية أن الجندى الذى أحرق نفسه ينتمى إليها، وأنها ستعلن عن معلومات بشأنه بعد إخطار ذويه بـ24 ساعة.
وقفة احتجاجية لتكريم آرون بوشنل
واعتصم العشرات أمام مقر السفارة الإسرائيلية فى واشنطن، الثلاثاء، فى نفس المكان الذى أشعل آرون بوشنل النار فى نفسه احتجاجًا على الحرب الدموية فى قطاع غزة، وطالب المعتصمون بوقف العدوان الإسرائيلى على غزة، وإدخال المزيد من المساعدات إلى القطاع.
ونظم المشاركون تأبينًا لـ«بوشنل»، الذى أضرم النار فى نفسه أمام مبنى السفارة الإسرائيلية، أمس الأول، رفضًا للإبادة الجماعية فى غزة، وأعلنت «البنتاجون» لاحقًا وفاته متأثرًا بجراحه. وذكرت وسائل إعلام أمريكية أن المتضامنين مع مهندس سلاح الجو الراحل تركوا عبارات تعاطف على لوحات أمام ساحة السفارة الإسرائيلية.
وخلال الوقفة أحرق المشاركون علمًا إسرائيليًا، وقال أحدهم: «هذا تضامن مع بوشنيل الذى أحرق نفسه، أقل شىء يمكننا أن نحرق العلم الصهيونى». وشارك فى الوقفة عدد من اليهود الرافضين للعداون الإسرائيلى، وظهر المشاركون وهم يضعون الوشاح الفلسطينى على أكتافهم، مرددين هتافات ضد الاحتلال.
وحادث آرون بوشنل ليس الأول من نوعه، ففى ديسمبر أضرم شخص النار فى نفسه خارج القنصلية الإسرائيلية فى أتلانتا، فيما قالت الشرطة إنه «على الأرجح عمل احتجاجى سياسى متطرف». وقالت الشرطة ومسؤولو الإطفاء للصحفيين فى مؤتمر صحفى إنه تم انتشال العلم الفلسطينى الذى كان جزءًا من الاحتجاج فى مكان الحادث، وتم استخدام البنزين.
اكتشاف المزيد من شبكة الريان
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.