«حسن فتحى».. قرية تبحث عن الحياة
بعد مرور نحو 57 عامًا على إنشائها، لا تزال تعانى قرية حسن فتحى بمركز باريس فى الوادى الجديد، إهمالًا كبيرًا يتجاهل قيمتها الفنية والثقافية والاجتماعية.
خلال عام 1967 تم الانتهاء من هذه القرية التى أنشأها شيخ المعماريين الدوليين حسن فتحى بواحة باريس، وذلك على بعد حوالى 85 كيلومترًا جنوب مركز الخارجة، حيث تم اختيار الموقع على ربوة عالية لتصبح بانوراما تطل من أعلى نقطة على مدينة باريس والمنطقة الأثرية المجاورة والتى تضم شمس الدين وجبل طفنيس وكذلك على المزارع القريبة من القرية النموذجية.
وقد استخدم المهندس الفنان حسن فتحى الخامات المتاحة فى المنطقة وهو الطوب اللبن فى عمل لوحة فنية رائعة، حيث تتكون القرية من عدد من الفيلات وسوق تجارية وثلاجة لحفظ الخضراوات ومقهى ومسرح وحديقة للأطفال ومحال تجارية وعدد من المنازل بالقرب من السوق التجارسة بالقرية.
وقال إبراهيم خليل، الراصد لتاريخ الواحات لـ«المصرى اليوم»: إن قرية حسن فتحى تتبع وزارة الثقافة وتم بناؤها على مساحة 18 فدانًا، وذلك بعد استجابة المهندس حسن فتحى لدعوة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، والتى نقلها له ثروت عكاشة، وزير الثقافة المصرى حينذاك، حيث طلب عبدالناصر أن يشرف حسن فتحى على تطوير وإنشاء نمط عمارة وطنى يكون خاصًّا بمصر، ويتناسب مع مكونات الشعب المصرى، ويتوافق مع مبادئ «ثورة يوليو» وتمثلت تلك الرؤية فى قرية حسن فتحى بواحة باريس، التى شملت مدرسة و«فيلات»، وسوقًا تجارية ومسرحًا ومسجدًا بالإضافة إلى العديد من الإنشاءات والمبانى التى شُيدت على الطراز البيئى بالطوب اللبن، حيث استخدم فى بنائها «الطفلة» وهى نوع خاص من الطوب الصحراوى كان سائدًا فى مناطق الواحات وبالعديد من المناطق الصحراوية.
وأوضح «خليل» أن شيخ المعماريين نجح من خلال إنشاء القرية فى تحقيق أقصى درجات التحكم فى الحرارة وخفضها بمقدار كبير يصل إلى 15 درجة مئوية باستخدام أساليب التهوية الطبيعية، حيث إن درجات الحرارة فى منطقة باريس تصل إلى 50 درجة مئوية فى فصل الصيف، بينما تصل داخل قرية حسن فتحى ومنشآتها نحو 35 درجة.
وطالب العديد من أهالى مركز باريس فى الوادى الجديد بضرورة تطوير المنطقة بعدما أصبحت مكانًا مهجورًا تسكنه العقارب والثعابين والخفافيش، وأكدوا أن إمكانيات القرية تؤهلها لأن تصبح مركزًا عالميًّا للإبداع الفنى والثقافى.
وقال أحمد سيد، أحد شباب مركز باريس فى الوادى الجديد، أنه لا بد من تدخل هيئات ومؤسسات عالمية لإعادة الروح إلى قرية حسن فتحى وإعادة إحيائها، مشيرًا إلى ضرورة تدخل هيئة اليونسكو لاستغلال مقوماتها وتطويرها فيما يخدم التنمية الثقافية فى مصر.
وخلال سنوات عدة شهدت العديد من المحاولات لإحياء قرية حسن فتحى، إلا أن هذه المحاولات لم تخرج حتى الآن لحيز التنفيذ، والتى كان أهمها أنه فى يناير من العام الماضى أجرى فريق من الجهاز القومى للتنسيق الحضارى معاينة لقرية «حسن فتحى» بمركز باريس، وذلك لوضع مقترح شامل لتطوير القرية واستغلال المنشآت المعمارية الموجودة بها، وإعادة تأهيلها كمزار سياحى وثقافى فى ضوء ما تتمتع به من طابع معمارى فريد.
كما شهد عام 2019 انتهاء قسم العمارة بكلية الهندسة بجامعة أسيوط من إعداد دراسة لتنفيذ مشروع بعنوان «قرية باريس الأيكولوجية التكنولوجية»، والذى يهدف لتحقيق الأهداف العمرانية المعمارية، وربطها بالجذور التاريخية والتراثية بمظلة تكنولوجية لربطها بالخطط الاستراتيجية للدولة 2030، وذلك من خلال تنفيذ ٤ محاور رئيسية، الأول هو تنفيذ مركز دراسات وأبحاث ببيئة، والثانى تنفيذ نزل بيئى، والثالث تنفيذ مركز ثقافى تجارى، والرابع تنفيذ مجمع مدارس حرفية، على أن يتم طرح المشروع أمام الجهات الحكومية وجهات أخرى لدراسة سبل التنفيذ بما يخدم مسيرة التنمية بالوادى الجديد.
يذكر أن قرية حسن فتحى فى الوادى الجديد احتضنت العديد من المشاهد التمثيلية الخاصة بمسلسل «الجبل»، من إنتاج مدينة الإنتاج الإعلامى عام 2006، وهو المسلسل المأخوذ عن رواية الأديب الراحل فتحى غانم وسيناريو وحوار مصطفى إبراهيم وإخراج إبراهيم الشوادى.
اكتشاف المزيد من شبكة الريان
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.