«زي النهارده».. وفاة الخديو إسماعيل 2 مارس 1895
تعرضت سيرة الخديو اسماعيل للتشويه المتعمد في غير عمل فني وعلي رأسها فيلم «ألمظ وعبده الحامولي» ومسلسل «سرايا عابدين» حتي بدا وكأنه زير نساء فيما كان قصره يعج بالجميلات بين جوار ومستولدات وزوجات رغم كونه الثاني بعد جده محمد على في إحداث نقلة نوعية وحضارية متعددة الوجوه تعليميا وزراعيا وتصنيعيا كما لم تكن «ألمظ صاحبة جمال أخاذ أو أنوثة طاغية تدفعه وهو حاكم مصر للتحرش بها ويكاد يكون العمل الفني الوحيد الأقرب إلى الدقة التاريخية هو مسلسل» بوابة الحلواني«لمحفوظ عبدالرحمن حيث قال فيه ما للخديو وماعليه بأمانة تاريخية، والخديو اسماعيل مولود في قصر المسافرخانة بالقاهرة في الحادى والثلاثين من ديسمبر ١٨٣٠وهو إبن إبراهيم باشا بن محمد على باشا، وكان الابن الأوسط بين أبناء إبراهيم باشا الثلاثة، وبعد أن تلقى تعليمه في باريس عاد إلى مصر ليصبح وريثًا شرعيًا للعرش بعد وفاة أخيه الأكبر، غير أن سعيد باشا قام بإبعاده عن مصر ضماناً لسلامته الشخصية فأوفده في مهمات عديدة إلى أوروبا وآسيا، ثم أوفده على رأس جيش تعداده ١٤ ألف جندى إلى السودان وعاد إسماعيل بعد نجاحه في تهدئة الأوضاع هناك، إلى أن ذهبت إليه السلطة تلقائياً بعد وفاة سعيد في ١٨ يناير عام ١٨٦٣م.
وفى عام ١٨٦٧م حصل على لقب «خديو» من السلطان العثمانى في مقابل زيادة الجزية المقررة سنوياً، وبموجب الفرمان ذاته تم تعديل نظام توارث العرش ليصبح لأكبر أبناء الخديو سناً بعد وفاة الخديو، وفى ١٨٧٣ حصل على فرمان آخر عُرف باسم الفرمان الشامل، الذي يقضي بالمزيد من الاستقلال عن الإمبراطورية العثمانية، وقد خول له هذا الفرمان حق التصرف في شؤون الدولة ما عدا حق التمثيل الدبلوماسى وعقد المعاهدات السياسية مع الالتزام بدفع الجزية السنوية.
وفى عصر إسماعيل ازدهر العمران والتعليم والفنون ونشطت الترجمة والصحافة والموسيقى والحياة النيابية، وأنشئ كوبرى قصر النيل ودار المعلمين وحفرت الترع الزراعية، وفى عهد إسماعيل حفرت قناة السويس وأنشئت دار الأوبرا والجمعية الجغرافية ودار الآثار المصرية.
وفى عهده أيضاً ثقلت الديون على مصر، وبالرغم مما وصلت إليه الحالة المالية لمصر من ارتباك وتوقفها عن الدفع سنة ١٨٧٦م فإن الخديو مضى قدماً في إسرافه، ومضى يكمل بناء سراى الجزيرة الفخمة (فندق ماريوت حالياً)، فلما ثقلت الديون وتعذر السداد تدخلت الدول الأوروبية الدائنة في الشأن المالي المصرى عبرلجنة فرنسية ـ بريطانية، وبضغوط أوروبية وبتخل عثمانى وفى الرابع والعشرين من يونيو ١٨٧٩ وصلت إلى القاهرة البرقية التي تفيد بخلعه وتولية ابنه توفيق ووصلت هذه البرقية إلى سراى عابدين صباح٢٦يونيو، وكانت العبارة الأولى في الرسالة تقول :«سمو إسماعيل باشا خديو مصر السابق» وفى الثلاثين من يونيو من العام ذاته استقل إسماعيل الباخرة «المحروسة» إلى نابولى، حيث أعد له ملك إيطاليا قصراً لسكناه.
وأخذ إسماعيل يتنقل بين الدول الأوروبية دون أن يفارقه الأمل في العودة، كما أنه سعى لذلك لكنه أخفق واستقربه المقام في قصره على البسفور إلى أن توفي«زي النهارده» في ٢ مارس ١٨٩٥، وكان النحات الإيطال.ى(كانونيكو)قد نحت تمثالاً لإسماعيل وقام الملك فاروق بإزاحة الستارعنه في ٤ ديسمبر ١٩٣٨فى موقع النصب التذكارى للجندى المجهول بالإسكندرية.
اكتشاف المزيد من شبكة الريان
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.