«مجانين العشق».. أشهر شعراء وأدباء الرومانسية فى «عيد الحب»


فى الوقت الذى يئن فيه العالم من ويلات الحرب وآنين الصراعات المسلحة والأزمات الاقتصادية الخانقة، يحتفل العالم غدًا 14 فبراير بـ «عيد الحب».. فى هذا اليوم يعبر فيه المحبون عن مشاعرهم بالحب تجاه بعضهم البعض بتبادل الهدايا والعبارات الرومانسية الجميلة عن الحب.. أما مصر فتحتفل بهذا العيد مرتين، فتشهد احتفالا آخر بـ«عيد الحب» فى 4 نوفمبر، ويرجع الفضل فى هذا الاحتفال إلى الكاتب الصحفى مصطفى أمين، حيث دعا، من خلال عموده الشهير «فكرة»، إلى الاحتفال بعيد للحب فى مصر، ويتم تناول هذا الحدث بشكل مكثف على منصات التواصل الاجتماعى وبعض البرامج الإذاعية والتليفزيونية، كما يتم تبادل رسائل التهنئة بهذا العيد. ومن خلال السطور التالية نتعرف على بداية الاحتفال بـ«عيد الحب»، وأشهر عشاق ومجانين قصص الحب فى التراث العربى، وكيف ألهبت قصص الحب الشعراء والأدباء.. وأثرى إبداعهم الأدب والشعر والفن والسينما بالأعمال الرومانسية.

صلاح جاهين

بداية يرجع أصول الاحتفال بعيد الحب العالمى لروايات مختلفة وقصة قديسها يكتنفها الغموض؟، ليس هناك اتفاق على أصل الفالنتين أو تاريخه أو حقيقة الشخصية التى ارتبط بها هذا العيد، وكل ما ذكر مجرد قصص تم ربطها ببعض الأساطير، فقد ذكر أنه فى التقاليد الرومانية القديمة كان يتم الاحتفال فى هذه الفترة من 13- 15 فبراير من كل عام بعيد لوبركاليا، وهو مهرجان للخصوبة والربيع، وقام البابا جيلاسيوس الأول بإلغائه واستبدله بعيد القديس فالنتين، ويقال هناك شخصان حملا اسم فالنتين، أحدهما كان أسقفًا فى تيرنى بإيطاليا، والثانى كان كاهنًا فى روما، وقيل إنه كان يعالج مرضى الصرع، وتم إعدامه فى 14 فبراير عام 269، أما عن سبب إعدامه، فهناك ثلاث روايات مختلفة ولا يوجد أى دليل على صدقها.

توفيق الحكيم

أولى تلك الروايات تقول: إنه تحدى قرار كلوديوس الثانى، الذى حظر زواج الشباب حتى يتفرغوا للجندية، واستمر فى إبرام عقود الزواج سرًا، ثانية تلك الروايات هى أنه كان يدخل المرضى الذين يعالجهم وأسرهم فى المسيحية، وثالثتها أنه كان يساعد المسيحيين على الهروب من السجون الرومانية. ويذكر أنه قبل إعدامه كتب إلى ابنة حارسه فى السجن التى عالجها من فقد البصر رسالة وداع موقعة باسمه.

يقول جاك بى أوروتش، أستاذ اللغة الإنجليزية فى جامعة كانساس، فى مقال أكاديمى عام 1981 نشره بعنوان «فالنتين وتشوسر والربيع فى فبراير» درس عيد الحب كجزء من بحثه عن الشاعر جيفرى تشوسر، أعظم الشعراء الإنجليز فى القرون الوسطى، ويلقب بأبو الأدب والشعر الإنجليزى.. مؤكدًا فى مقاله: لقد كان مقتنعًا بأن تشوسر هو مصدر أفكارنا الحديثة حول القديس فالنتين: إنه لا يوجد دليل موثق على تقليد رومانسى مرتبط بالقديس فالنتين قبل أن يكتب تشوسر قصائده فى أواخر القرن الرابع عشر. إن الشاعر جيفرى تشوسر كان أول من ربط عيد الحب بالرومانسية فى قصيدته parliament of Fouls وكان مطلعها: وفى يوم عيد القديس فالنتين، حين يأتى كل طائر بحثًا عن وليف له.

نزار قبانى

تذخر ذاكرة العشق والتراث العربى العربى بالعديد من أساطير العشق، وسفراء الحب، ومن أبرز تلك القصص عنترة بن شداد وعبلة، قيس وليلى.. فقد أجهد الفلاسفة والعشاق والمتيمون أنفسهم فى تعريف الحب.. ولم يفلح منهم أحد فى الوصول إلى تعريف جامع مانع، كما يقولون، وغاية ما وصلوا إليه هو تناول صفاته.. وأحواله.. واشتقاقاته اللغوية المختلفة.. ومن «مجانين العشق العربى»، كما كتب أحمد سويلم فى كتابه: «وقد شغف العرب منذ أقدم العصور بنوع العشق العفيف. وكانوا يقدرون أصحاب هذه العاطفة، وكانوا يعرفون بالعشاق المتمين والعشاق العذريين.. والعشاق الغزليين، فكان تراثهم أروع ما ورثه العرب للأجيال المتعاقبة، ومن مجانين العشق: المرقش الأكبر «عمرو بن سعد بن مالك»، وصاحبته أسماء، المرقش الأكبر واحد من أقدم العشاق المتيمين الذين عاشوا العصر الجاهلى وضربوا مثلًا فى الحب العفيف.. ومات دون حبه، فكان شهيدًا. ومن أشهر العشاق أيضًا ومن فرسانها المعدودين المرقش الأصغر «ربيعة بن سفيان» وهند، وهناك يزيد بن الطثرية عاشق اليمامة، وأيضا القشيرى مجنون ريا، وقيس بن الملوح مجنون ليلى، وقيس بن ذريح مجنون لبنى، وكثير بن عبد الرحمن مجنون عزة، والعباسى بن الأحنف مجنون فوز.

كما ألهبت قصص الحب الشعراء والأدباء فى العصر الحديث أيضًا فخرجت روائعهم تثرى الأدب والشعر والفن والسينما.. وأفضل الشعراء الذين تحدثوا عن الحب فى قصائدهم: رائعة أمير الشعراء أحمد شوقى فى الحب والغزل يقول فيها:

رُدَّت الروحُ على المُضْنَى معكْ * أحسن الأيام يوم أرجعك * مَرَّ من بُعدِك ما رَوَّعَنى * أَتُرى يا حُلْوُ بُعدى روّعك؟.

أما الشاعر إبراهيم ناجى، صاحب القصيدة الشهيرة «الأطلال»، فكان أحد أعضاء مدرسة أبولو الشعرية، وصدحت أم كلثوم بكلماته تقول: «يا حبيبى كل شىء بقضاء / ما بأيدينا خلقنا تعساء / ربما تجمعنا أقدارنا ذات يوم بعد ما عز اللقاء / فإذا أنكر خل خله وتلاقينا لقاء الغرباء / ومضى كل إلى غايته لا تقل شيئًا! وقل لى: الحظ شاء». ولم تكن هذه القصيدة الوحيدة نتاج المخيلة الرومانسية الخصبة لناجى، وإنما كانت كل دواوينه تحلق فى أفق الرومانسية.

وللشاعر والرسام صلاح جاهين رباعيته عن الموت والحب والحزن. والتى يقول فى موضع منها: «ليه يا حبيبتى ما بيننا دايما سفر / ده البعد ذنب كبير لا يغتفر / ليه يا حبيبتى ما بيننا دايما بحور / أعدى بحر ألاقى غيره إتحفر/ وعجبى.

أما الشاعر نزار قبانى فقد قدم لنا الكثير من الأشعار الرومانسية فى الحب والغزل.. ولهذا عرف بشاعر الحب، وتغنى بقصائده أبرز رموز الطرب. وجاءت كلمات قصيدة «أحبك جدًا» تقول: أحبّك جدًا / وأعرف أن الطريق إلى المستحيل طويـل / وأعرف أنك ستّ النساء / وليس لدى بديـل / وأعرف أن زمان الحنيـن انتهى ومات الكلام الجميل / لست النساء ماذا نقول أحبك جدًا.

للشاعر الكبير الراحل عبد الرحمن الأبنودى، تراث كبير من القصائد العاطفية تغنى بها عدد من الفنانين، فقد أطربنا عبد الحليم حافظ بكلمات الخال التى تقول: أبنيلك قصر عالى، وأخطف نجم الليالى / وأشغلك عقد غالى يضوى أحلى الصبايا/ أنا الهوى هوايا. كما نتذكر صوت الراحل محمد رشدى بكلمات الأبنودى التى يقول فيها: طاير يا هوا.. طاير ع المينا.. رايح يا هوا.. تخبر أهالينا.. قصة الهوى وتفتن علينا».

يعد محمود درويش أحد أهم وأشهر الشعراء العرب، ورغم ارتباط شعره بالهم الوطنى، فإن له قصائد امتزج فيها الحب بالوطن بالحبيبة، ومن أبرز قصائد محمود درويش عن الحب: قصيدة «يعلمنى الحب ألا أحب» و«كمقهى صغير هو الحب»، وجاءت بعض أبيات قصيدة «أجمل حب» من ديوان «أوراق الزيتون» يقول فيها: كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة / وجدنا غريبين يومًا / وكانت سماء الربيع تؤلف نجمًا.. ونجمًا / وكنت أؤلف فقرة حب.. لعينيك.. غنيتها!، وله قصيدة أخرى رائعة بعنوان «أنا العاشق السيئ الحظ تمرد قلبى علىَّ».

كما أثرى الروائيون الأدب العربى بالعديد من الأعمال الأدبية التى تسرد العشق والحب، كان تراث السينما العربية، عبر عقود طويلة، معتمدًا على الجانب الرومانسى فى بعض الأعمال الأدبية.

ويعد من أغزر وأكثر الأدباء العرب إنتاجًا أدبيًا.. إحسان عبد القدوس، حيث وصل عدد الروايات والقصص التى قدمها لنا خلال مسيرته الفنية إلى ٦٠٠ رواية وقصة. وتُرجمَت إلى عدد من اللغات العالمية. ومن أشهر أعماله: رواية «دمى ودموعى وابتسامتى»، ورواية «الوسادة الخالية»، «منتهى الحب».

وقدم لنا فارس الرومانسية يوسف السباعى الكثير من الأعمال عن الحب منها: «بين الأطلال» «إنى راحلة» و«العمر لحظة»، «نادية» و«اذكرينى»، وتحولت معظم أعماله إلى أعمال سينمائية، وجاءت أيقونته الرومانسية المصرية الذى جمعت الثنائى الشهير فى السينما نور الشريف وبوسى فى فيلم «حبيبى دائمًا» الذى لا يقل شهرة عن أعظم الأفلام الرومانسية العالمية.

أما رواية «السقا مات» فصنفها النقاد على أنها أفضل رواية تضمنت قصة رومانسية نشأت بين حبيبين حول شجرة التمر حنة.. صدرت 1952، واحتلت المرتبة الثانية والستين ضمن قائمة اتحاد الكتاب العرب لأفضل مائة رواية عربية عام 2001، وحولها المخرج صلاح أبو سيف إلى فيلم سينمائى 1977.

رواية «عصر الحب»، و«الحب فوق هضبة الهرم» لنجيب محفوظ، وهى تعد من أفضل الروايات الرومانسية العربية، وتحولت إلى فيلم سينمائى.. قال نجيب محفوظ عن الحب فى روايته «الحب فوق هضبة الهرم»: عرفت الحب لأول مرة فى حياتى. إنه كالموت تسمعه كل حين خبرا ولكنك لا تعرفه إلا إذا حضر. وهو قوة طاغية، يلتهم فريسته، يسلبه أى قوة دفاعية، يطمس العقل والإدراك، يصب الجنون فى جوفه حتى يطفح به، إنه العذاب والسرور والنهائى.

ونتوقف أمام «الخروج من الجنة» هى مسرحية فلسفية عن الحب، وسبب خروج آدم من الجنة، من وجهة نظر توفيق الحكيم، تحولت إلى فيلم بنفس العنوان، عرض فى سنة 1967، وهو من بطولة فريد الأطرش مع هند رستم.



اكتشاف المزيد من شبكة الريان

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من شبكة الريان

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading