«معلومات الوزراء»: حجم تغير المناخ سيعتمد على الاحتباس الحراري
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تقريرًا جديدًا تحت عنوان «الطاقة المتجددة فى ضوء مخاطر التغيرات المناخية»، سلط من خلاله الضوء على أهم المخاطر الناجمة عن التغيرات المناخية وطرق التكيف معها، وزيادة التوجه العالمى نحو الطاقة المتجددة، وأهم المشروعات التى تمت فى سياق الاقتصاد الأخضر، وأيضًا الطاقة النووية كأحد خيارات الطاقة النظيفة، وزيادة التوجه العالمى نحوها.
أشار التقرير إلى سعى دول العالم جاهدةً نحو محاولة الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة التى بات تأثيرها واضحًا على كافة دول العالم، وتعانى الدول منها بصورة أو بأخرى، سواء من موجات الجفاف أو الفيضانات أو حرائق الغابات وغيرها من صور التغير المناخى، لذا أصبح الاعتماد على الطاقة المتجددة والطاقة النظيفة يكتسب أهمية متزايدة فى مواجهة مخاطر التغيرات المناخية.
وذكر تقرير معلومات الوزراء أنه من المتوقع أن يستمر التغير الذى يشهده المناخ على الكرة الأرضية خلال العقود المقبلة، وسيعتمد حجم تغير المناخ بعد العقود القليلة المقبلة فى المقام الأول على كمية الغازات الدفيئة (الاحتباس الحرارى) المنبعثة على مستوى العالم، وعلى عدم اليقين بشأن حساسية مناخ الأرض لتلك الانبعاثات، وتعد الاتجاهات الأخيرة فى متوسط درجة الحرارة عالميًّا، وارتفاع مستوى سطح البحر، والمحتوى الحرارى للمحيطات (والمتمثل فى درجة الحرارة التى تمتصها المحيطات وتخزن بداخلها)، وذوبان الجليد البرى، والجليد البحرى فى القطب الشمالى، وعمق ذوبان التربة الصقيعية الموسمية، ومتغيرات مناخية أخرى، بمثابة أدلة ثابتة على ارتفاع درجة حرارة الكوكب.
كما يتغير مناخ الأرض الآن بوتيرة أسرع مقارنة بتاريخ المناخ المعروف، ويعزى ذلك فى المقام الأول إلى الأنشطة البشرية، ويوجد إجماع علمى على أن انبعاثات الكربون غير المخففة ستتسبب فى حدوث ظاهرة الاحتباس الحرارى بعدة درجات مئوية بحلول عام 2100، مما ستنجم عنه مخاطر على المستوى المحلى والإقليمى والعالمى، والتى ستؤثر بطبيعة الحال على المجتمع البشرى والنظم البيئية الطبيعية.
واستعرض التقرير التغيرات المناخية وآثارها البيئية، حيث تتمثل الآثار السلبية لتغير المناخ فى: (ارتفاع درجات الحرارة- اشتداد العواصف- زيادة الجفاف- فقدان التنوع البيولوجى- نقص الغذاء).
أشار التقرير إلى أن التكيف مع التغيرات المناخية بات ضرورة مُلحة، وفى الوقت نفسه تزداد صعوبة التكيف بدرجة كبيرة إذا ارتفعت درجة الحرارة فوق نقطة معينة، ولاسيما إذا ارتفع متوسط درجات الحرارة العالمية بمقدار درجتين مئويتين، وفى البلدان التى ترتفع فيها درجات الحرارة بشدة مثل منطقة جنوب آسيا أو حزام منطقة الساحل الإفريقى يمكن أن يؤثر ارتفاع درجات الحرارة بشكل فورى على محاصيل عديدة.
ويوجد العديد من الطرق للتكيف مع تغيرات المناخ، سواء تلك التى تحدث الآن أو التى ستحدث فى المستقبل، ويمكن لكل فرد أن يقوم بخطوات بسيطة مثل زراعة الأشجار أو المحافظة على الأشجار الموجودة بالفعل، وعلى نطاق أوسع، يتعين على الاقتصادات والمجتمعات زيادة قدرتها على مجابهة التغيرات المناخية، وهو ما يتطلب قيام الحكومات بتنسيق العديد من الجهود، فقد تكون هناك حاجة لبناء الطرق والجسور لتلائم درجات الحرارة أو العواصف الشديدة. كذلك يمكن للمدن الساحلية أن تُنشئ أنظمة للحد من تأثير الفيضانات على الشوارع، وعلى مرافق النقل الموجودة تحت سطح الأرض.
أما بالنسبة لقطاع الزراعة فهناك العديد من الأساليب التى ينبغى اتباعها للتكيف مع التغير المناخى، ومنها تحسين كفاءة استخدام المياه وبشكل أكثر فاعلية، جنبًا إلى جنب مع تحسين إدارة الطلب على المياه، حيث إن إنشاء المزيد من مرافق البنية التحتية للرى لن يكون حلًا مجديًا إذا تبين أن إمدادات المياه قد تكون غير كافية لتزويد شبكات الرى فى المستقبل، ومن ثم يجب استخدام أجهزة وتقنيات حديثة لتقييم الكميات المتاحة من المياه، ومنها أجهزة استشعار رطوبة التربة، والاستعانة بالأقمار الصناعية لقياس معدل التبخر، ويمكن أن تساعد كل هذه الإجراءات على تبنى الأساليب الملائمة مثل نظام ترطيب وتجفيف حقول الأرز بالتناوب، الأمر الذى سيؤدى إلى توفير المياه وتقليل الانبعاثات من غاز الميثان فى نفس الوقت.
وتجدر الإشارة إلى ارتفاع تكلفة إجراءات التكيف مع التغيرات المناخية. ورغم ذلك يجب الإسراع فى اتخاذها، لأن طول الانتظار سينتج عنه ارتفاع فى التكاليف، فعلى الصعيد العالمى، فإن استثمارات بقيمة 1.8 تريليون دولار فى أنظمة الإنذار المبكر والبنية التحتية القادرة على مقاومة الظواهر المناخية وتحسين الأساليب المستخدمة فى الزراعة وحماية غابات المانجروف على طول السواحل عالميًّا والبحث عن موارد مائية يمكن أن يؤدى إلى تجنب مجموعة من التكاليف وجنى العديد من الفوائد بقيمة تصل إلى 7.1 تريليون دولار.
وأيضًا يمكن أن تجلب أنظمة الإنذار المبكر فوائد بقيمة تعادل 10 أضعاف التكلفة المبدئية، وكذلك يمكن للعالم أن يتجنب انخفاض المحاصيل الزراعية عالميًّا بنسبة 30% بحلول عام 2050 إذا تم تركيب أنظمة رى تعمل بالطاقة الشمسية بالمزيد من المزارع، وتم استخدام أنواع جديدة من المحاصيل، وتم الاعتماد على أنظمة إنذار بشأن الطقس أو اتخذت إجراءات أخرى للتكيف.
ولفت التقرير إلى أنه على الرغم من الدعوات لبذل المزيد للتكيف مع التغيرات المناخية، فإنه يتضح أن الدول الأكثر عرضة لتلك التغيرات تنخفض قدرتها على التكيف نظرًا لأنها إما فقيرة أو نامية تسعى لتلبية المتطلبات الأساسية كالرعاية الصحية والتعليم، وتشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2030 ستبلغ التكلفة السنوية للتكيف مع التغير المناخى فى الدول النامية نحو 300 مليار دولار. وفى الوقت الراهن يتم إنفاق نحو 16.8 مليار دولار سنويًّا فى الدول النامية، أى نحو 21% من التمويل المناخى الذى تقدمه الدول الأكثر ثراءً لدعم الدول النامية ومساعدتها على التكيف.
ويُعدُّ حرق الوقود الأحفورى لتوليد الكهرباء والحرارة، من أجل إنتاج الطاقة، هو المساهم بشكل كبير فى تغير المناخ، إذ يمثل أكثر من 75% من انبعاثات الغازات الدفيئة فى العالم، وحوالى 90% من جميع انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، ونجد أن حوالى 6 مليارات نسمة يستخدمون الوقود الأحفورى المستورد، مما يجعلهم عرضة للأزمات الجيوسياسية، بينما تتوافر مصادر الطاقة المتجددة فى معظم الدول، ولم يتم استغلالها على النحو الأمثل، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تولد 90% من كهرباء العالم بحلول عام 2050، وفقًا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة، بما يسمح لكافة الدول بتنويع اقتصاداتها وحمايتها من التقلبات العديدة فى أسعار الوقود الأحفورى.
واستعرض التقرير بعض الإجراءات الهامة سريعة التحول إلى استخدام الطاقة المتجددة، وهى جعل تكنولوجيا الطاقة المتجددة منفعة عالمية، وتحسين الوصول إلى المكونات والمواد الخام عبر العالم، وتحقيق التكافؤ من خلال الفرص المتاحة فى مجال تكنولوجيات الطاقة، وتحويل الدعم من الوقود الأحفورى إلى الطاقة المتجددة، واستثمارات ثلاثية فى مصادر الطاقة المتجددة.
وأشار التقرير إلى أن مؤتمر الأطراف بشأن تغير المناخ «COP 28»، الذى انعقد فى نهاية عام 2023 فى الإمارات، شكل خطوة نوعية فى مستقبل قطاع الطاقة النظيفة والمتجددة، حيث حرص المؤتمر على إيجاد حلول فعّالة لمواجهة التحديات المناخية، وتوظيف الممارسات المبتكرة فى مجال العمل المناخى وتشجيع المشاركة المجتمعية، ودعم الاستراتيجيات الوطنية ذات الصلة بالعمل المناخى.
وساهمت الإمارات فى 73 مشروعًا للطاقة المتجددة استفادت منها 52 دولة حول العالم بقيمة 4.5 مليار درهم، وأيضًا تمويل 26 مشروعًا بسعة 265 ميجاوات استفادت منها 21 دولة ضمن مبادرة مشتركة مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة.
وأضاف التقرير أنه فى إطار الشراكة الاستراتيجية نحو نمو الطاقة المتجددة، قام صندوق أبوظبى للتنمية والوكالة الدوليّة للطاقة المتجددة (IRENA)، بإطلاق منصة «ETAF» العالمية، والتى تشجع مشروعات الطاقة المتجددة فى كثير من الدول النامية، حيث قام الصندوق بتمويل قيمته 400 مليون دولار، وهو أول مؤسسة تنموية ساهمت فى دعم أهداف المنصة التى تتمثل فى تأمين التمويل والخبرات اللازمة واستقطاب الفرص الاستثمارية الجديدة لتطوير مشاريع الطاقة المتجددة، وتعمل أيضًا على توفير الحلول المبتكرة والأدوات التمويلية الملائمة والداعمة لانتشار مشروعات الطاقة المتجددة فى الدول النامية.
وذكر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار أنه فى عام 2022 زادت قدرة الطاقة النووية بنحو 1.5 جيجاوات على مستوى العالم أو بنسبة 0.3% على أساس سنوى لتصل إلى 414 جيجاوات، وشكلت اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية نحو 60% من القدرات النووية الجديدة.
وأبرز التقرير أهم الدوافع وراء تشجيع مشروعات الطاقة النووية، ومنها أزمة الطاقة الراهنة وتداعيات المناخ، حيث يمكن للطاقة النووية أن تساعد فى معالجة أزمتين رئيسيتين تواجهان العالم اليوم، وهما الطاقة والمناخ. فقد دفعت الأزمة الروسية- الأوكرانية والاضطرابات التى نجمت عنها فى إمدادات الطاقة العالمية الحكومات إلى إعادة النظر فى استراتيجيات أمن الطاقة لديها، مع التركيز بشكل أقوى على تطوير وتنويع إمدادات الطاقة المحلية، وبات الحد من الاعتماد على الوقود الأحفورى المستورد على رأس أولويات أمن الطاقة.
ويتطلب تحقيق هدف الوصول بصافى انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى إلى الصفر بحلول منتصف القرن إزالة الكربون بشكل سريع وكامل من قطاعى توليد الكهرباء والحرارة. وتساهم الطاقة النووية فى تحقيق هذا الهدف من خلال تجنب إصدار نحو 1.5 جيجا طن من الانبعاثات العالمية و180 مليار متر مكعب من الطلب العالمى على الغاز سنويًّا، ومن الجدير بالذكر أن الطاقة النووية ساهمت بشكل كبير فى إبطاء وتيرة ارتفاع الانبعاثات العالمية لثانى أكسيد الكربون منذ السبعينيات.
ولولا مساهمة الطاقة النووية، لكان إجمالى الانبعاثات الناتجة عن توليد الكهرباء أعلى بنسبة 20% تقريبًا وإجمالى الانبعاثات المرتبطة بالطاقة أعلى بنسبة 6% خلال تلك الفترة، وقد شكلت الاقتصادات المتقدمة أكثر من 85% من هذه الانبعاثات التى تم تجنبها، ففى الاتحاد الأوروبى تم تجنب نحو 20 جيجا طن أو أكثر من 40% من إجمالى الانبعاثات الناتجة عن توليد الكهرباء، ونحو 24 جيجا طن أو 25%، فى الولايات المتحدة. ولولا الطاقة النووية لكانت الانبعاثات الناتجة عن توليد الكهرباء أعلى بنحو الربع فى اليابان ونحو 50% فى كل من كوريا وكندا.
وتتعدد التطبيقات واستخدامات الطاقة النووية فى القطاعات المختلفة؛ وقد تم استعراض أمثلة من هذه القطاعات التى يتم فيها استخدام الطاقة النووية بخلاف توليد الكهرباء وهى: الزراعة والغذاء، والطب، واستكشاف الفضاء، وتحلية المياه، وإنتاج الهيدروجين.
وأشار التقرير إلى أن كمية الطاقة النووية المنتجة عالميًا بلغت نحو 2632.03 تيرا وات/ الساعة عام 2022، مقارنة بنحو 2749.57 عام 2021، متراجعة بنسبة 4.3%، هذا وشهد عام 2021 أعلى إنتاج للطاقة النووية مقارنة بالعقد السابق له، وقد ساهمت دول مجموعة السبع الصناعية الكبرى بنحو 259.6 جيجاوات من إجمالى القدرة النووية المنتجة عام 2022، تليها الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية بخلاف الصين بنحو 68.3 جيجاوات، ثم الصين 55.8 جيجاوات، ثم الدول المتقدمة الأخرى بنحو 30.4 جيجاوات.
وأضاف التقرير أنه فى عام 2022، زاد توليد الطاقة النووية بمقدار 37 تيرا وات/ساعة فى آسيا، وعلى مدى السنوات العشر الماضية تضاعف توليد الطاقة النووية فى آسيا، وتجاوز الآن توليد الطاقة النووية فى غرب ووسط أوروبا. ومع وجود ثلاثة أرباع المفاعلات قيد الإنشاء فى العالم فى آسيا، فإن هذا اتجاه الإيجابى من المتوقع أن يستمر فى أماكن أخرى أيضًا، مثل إفريقيا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية.
وأبرز التقرير الدول الأكثر إنتاجًا للطاقة النووية عام 2022، وهى: الولايات المتحدة الأمريكية والصين وفرنسا وروسيا وكوريا الجنوبية وكندا، وقد تصدرت الولايات المتحدة الأمريكية دول العالم من حيث إنتاج الطاقة النووية عام 2022، حيث أنتجت نحو 771.54 تيرا وات/ ساعة، تليها الصين بنحو 417.80 تيرا وات/ ساعة. كما بلغت كمية الكهرباء المولدة باستخدام الطاقة النووية عالميًّا نحو 2486.8 تيرا وات/ساعة فى عام 2022، بانخفاض قدره 6.3% على أساس سنوى.
وأشار التقرير إلى أن فرنسا تأتى فى مقدمة دول العالم التى تعتمد على الطاقة النووية فى توليد الكهرباء. وفى عام 2022، ساهمت الطاقة النووية بنحو 62.6% من إجمالى إنتاج الكهرباء فى فرنسا، وتأتى سلوفاكيا فى المرتبة الثانية، حيث شكلت الطاقة النووية نحو 59.2% لديها عام 2022.
وفى هذا الصدد، اتخذت العديد من دول العالم مؤخرًا خطوات لتوسيع العمليات فى محطات الطاقة النووية القائمة وبناء محطات جديدة. وتتمثل البلدان والمناطق التى حققت تطويرًا ملحوظًا فى الكهرباء النووية فيما يلى: بلجيكا، كندا، الصين، فنلندا، فرنسا، اليابان، كوريا الجنوبية، بولندا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة الأمريكية، منطقة الشرق الأوسط.
ولفت التقرير إلى أن معايير السلامة والتوجيهات والضمانات الأمنية للوكالة الدولية للطاقة الذرية تعد من الركائز التى يقوم عليها الاستخدام الآمن والسلمى للطاقة النووية. واستجابة لطلبات البلدان والمنظمات الدولية تعمل الوكالة على تطوير منصة على مستوى الوكالة بشأن المفاعلات النووية الصغيرة ومتوسطة الحجم، لتنسيق الدعم المتعلق بجميع جوانب تطوير المفاعلات الصغيرة ومتوسطة الحجم ونشرها والإشراف على تطبيقاتها الكهربائية وغير الكهربائية، كما هو الحال عند استخدامها فى أنظمة التدفئة وتحلية المياه. وتجرى الوكالة أيضًا مراجعة لمدى قابلية تطبيق معايير الأمان الخاصة بالوكالة على المفاعلات المتقدمة الجديدة، بما فى ذلك المفاعلات النووية متوسطة المدى.
اكتشاف المزيد من شبكة الريان
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.