«معلومات الوزراء» يستعرض مستقبل صناعة «الطيران المستدام»


أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تحليلًا معلوماتيًا، تناول خلاله الدور الكبير الذى تلعبه صناعة الطيران العالمية فى التقدم الاقتصادى والاجتماعى، مشيرًا إلى أنه رغم هذا الدور، فإن استهلاكها الملحوظ للطاقة قد حظى بالاهتمام بسبب العواقب البيئية اللاحقة.. ومع توقعات بتضاعف الحركة الجوية خلال العقدين المقبلين، فإن استهلاك الطاقة بشكل كبير يمكن أن يؤدى إلى تفاقم التأثير البيئى لهذه الصناعة.

حيث يساهم قطاع الطيران بنحو 2% من انبعاثات ثانى أكسيد الكربون العالمية، بالإضافة إلى تعافى الطلب على السفر الدولى فى أعقاب جائحة كوفيد-19، حيث وصلت انبعاثات الطيران فى عام 2022 إلى ما يقرب من 800 مليون طن من ثانى أكسيد الكربون؛ أى حوالى 80% من مستوى ما قبل الوباء.. ولذلك هناك حاجة إلى العديد من التدابير الفنية المتعلقة بالوقود منخفض الانبعاثات، وتطوير الطائرات والمحركات، وتحسين العمليات، وحلول تقييد الطلب للحد من نمو الانبعاثات وخفضها خلال هذا العقد من أجل السير على الطريق الصحيح مع صافى الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050.

وأوضح مركز المعلومات فى تحليله أن الاستدامة تمثل تحديًا حاسمًا لصناعة الطيران، حيث تواصل الصناعة تعزيز جهودها للحد من تأثيرها البيئى، مع الدعوة إلى تمكين أطر السياسات لتطوير العناصر الرئيسة لاستراتيجية صافى الانبعاثات الصفرى فى قطاع الطيران.

ومن الجدير بالذكر، اعتمدت الدول الأعضاء لمنظمة الطيران المدنى الدولى (الإيكاو) هدفًا طموحًا طويل الأجل (LTAG) لتحقيق صافى انبعاثات صفرية من ثانى أكسيد الكربون بحلول عام 2050 خلال الدورة الحادية والأربعين فى أكتوبر 2022. وتتوافق هذه الخطوة المهمة إلى الأمام من قبل الدول مع كل من أهداف اتفاقية باريس وهدف صافى الانبعاثات الصفرى بحلول عام 2050، التى وافقت عليها شركات الطيران فى الاجتماع العام السنوى السابع والسبعين للاتحاد الدولى للنقل الجوى (IATA) فى أكتوبر 2021.

ونتيجة لذلك، هناك توقعات بمبادرات دولية أقوى فى المجالات الرئيسة لإزالة الكربون، مثل: تحفيز القدرة الإنتاجية لوقود الطيران المستدام.

ويعد التقدم المحرز فى العديد من الاقتصادات بشأن التحول فى إنتاج الكهرباء إلى مصادر خضراء، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مثالًا على ما يمكن تحقيقه من خلال السياسات الحكومية الصحيحة، وخاصة فى حوافز الإنتاج.

وأشار التحليل إلى أنه فى ضوء تحقيق هدف انبعاثات صفرية من ثانى أكسيد الكربون بحلول عام 2050، تم وضع استراتيجيات للتحول نحو صناعة الطيران المستدام قائمة على أربعة عناصر رئيسة، وهى: «وقود الطيران المستدام، وتعويض واحتجاز الكربون، وتقنيات الطائرات الجديدة، وتحسين البنية التحتية والعمليات».

وتشير تقديرات الاتحاد الدولى للنقل الجوى (IATA) إلى أن حوالى 65% من عمليات التخفيف اللازمة لصافى انبعاثات الكربون الصفرية فى عام 2050 ستأتى من وقود الطيران المستدام، وتتمثل الاستراتيجية الثانية الأكثر أهمية فى تعويض الكربون واحتجازه، وهو ما يمثل 19% من الانخفاض فى الانبعاثات اللازمة للوصول إلى صافى الصفر.. كما أن التقنيات الجديدة مثل الطائرات الكهربائية أو محركات الدفع الهيدروجينية ستؤدى أيضًا إلى تقليل الانبعاثات، ولكن ليس بقدر كبير مثل استراتيجيات وقود الطيران المستدام، واستراتيجيات تعويض الكربون.

وأكد التحليل أنه فى الآونة الأخيرة، اكتسب وقود الطيران المستدام زخمًا، حيث تتوقع صناعة الطيران أن يلعب وقود الطيران المستدام الدور الأكبر فى إزالة الكربون من قطاع الطيران، لاعتباره من المنتجات صديقة للبيئة، حيث يتم إنتاجه من مواد أولية، بما فى ذلك (نفايات الدهون والزيوت والشحوم، والنفايات الصلبة البلدية، والمخلفات الزراعية، والنفايات الرطبة، وكذلك المحاصيل غير الغذائية المزروعة فى الأراضى الهامشية)، ويمكن أيضًا إنتاجه صناعيًا عبر عملية تلتقط الكربون مباشرة من الهواء.

وتناول مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار ما أعلنه الاتحاد الدولى للنقل الجوى (IATA) عن توقعاته بألا تقل السعة التقديرية من إجمالى إنتاج الوقود من مصادر متجددة عن 69 مليار لتر (55 مليون طن) بحلول عام 2028. وسيشكل وقود الطيران المستدام (SAF) جزءًا من هذا الإنتاج المتزايد من خلال مصافى الوقود المتجدد الجديدة وتوسيع المرافق القائمة، وسيغطى مناطق الإنتاج كلا من أمريكا الشمالية، وأوروبا، وآسيا والمحيط الهادئ.

وأظهرت البيانات أن الإنتاج العالمى لوقود الطيران المستدام سجل نحو 625 مليون لتر (0.5 مليون طن) فى عام 2023، أى أكثر من ضعف الإنتاج المسجل فى عام ٢٠٢٢ والذى بلغ نحو 300 مليون لتر (0.24 مليون طن)، وبزيادة قدرها 108.3%.. ويمثل وقود الطيران المستدام 3% من جميع أنواع الوقود المتجدد المنتجة، حيث يذهب 97% من إنتاج الوقود المتجدد إلى قطاعات أخرى.

منظمة الطيران المدنى تسعى لتحقيق انبعاثات صفرية من ثانى أكسيد الكربون

وأوضح التحليل أنه من المتوقع أن يتضاعف إنتاج وقود الطيران المستدام ثلاث مرات ليصل إلى 1.875 مليار لتر (1.5 مليون طن) فى عام 2024، وهو ما يمثل 0.53% من احتياجات وقود الطيران، و6% من إنتاج الوقود المتجدد.

وفى ظل هذا المستوى من الإنتاج مع السياسات الداعمة للصناعة، سيصل إنتاج وقود الطيران المستدام إلى نحو 30 مليار لتر بحلول عام 2030.

وفى سياق الاهتمام العالمى بصناعة وقود الطيران المستدام، تم تشغيل أكثر من 490 ألف رحلة جوية تجارية باستخدام وقود الطيران المستدام حتى أبريل 2023، وتم توقيع العديد من اتفاقيات شراء مع منتجى وقود الطيران المستدام من قبل شركات الطيران. ومنذ بداية عام 2022، تم توقيع 57 اتفاقية شراء بين شركات الطيران ومنتجى وقود الطيران المستدام.

وقد استعرض التحليل أبرز الجهود الدولية لدعم وقود الطيران المستدام، وهى:

– خلال الفترة (2011 -2015): قامت 22 شركة طيران بأكثر من 2500 رحلة ركاب تجارية بمزيج يصل إلى 50% من وقود الطائرات الحيوى المنتج من المواد الأولية.

– يونيو 2017، فى الاجتماع العام السنوى الثالث والسبعين للاتحاد الدولى للنقل الجوى فى كانكون، وافق أعضاء الاتحاد بالإجماع على قرار بشأن نشر وقود الطيران المستدام، بما فى ذلك الدعوة إلى سياسات حكومية بناءة، والالتزام باستخدام الوقود الذى يحافظ على التوازن البيئى فقط ويتجنب استنزاف الموارد الطبيعية.

– نوفمبر 2019، تجاوزت الرحلات الجوية التجارية لوقود الطيران المستدام 250 ألف رحلة، واكتسبت أكثر من 45 شركة طيران خبرة فى استخدام وقود الطيران المستدام.

– يونيو 2020، تمت الموافقة على شهادتين فنيتين جديدتين من وقود الطيران المستدام من قبل الجمعية الأمريكية لاختبار المواد (ASTM).

– أكتوبر 2021، وافق الاجتماع العام السابع والسبعون للاتحاد الدولى للنقل الجوى فى بوسطن على قرار لصناعة النقل الجوى العالمية بتحقيق صافى انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2050.. ويتماشى هذا الالتزام مع هدف اتفاق باريس للحد من ظاهرة الاحتباس الحرارى لأقل بكثير من درجتين مئويتين. والسيناريو المحتمل هو أن 65% من هذا سيتم تخفيفه من خلال وقود الطيران المستدام.

– أغسطس 2022، أقرت الحكومة الأمريكية قانون خفض التضخم (IRA)، والذى سيشهد استثمار البلاد بمبلغ قياسى قدره 369 مليار دولار فى الطاقة النظيفة والمتجددة، ويقدم الائتمان الضريبى الخاص بوقود الطيران المستدام كجزء من قانون خفض التضخم ائتمانًا ضريبيًا أساسيًا بقيمة 1.25 دولار للجالون من وقود الطيران المستدام المنتج بعامل خفض الانبعاثات بنسبة 50%.. ولكل زيادة بنسبة 1% فى عامل خفض الانبعاثات.

تتم إضافة مبلغ إضافى قدره 0.01 دولار أمريكى من الائتمان الضريبى – بحد أقصى 1.75 دولار أمريكي/ جالون من وقود الطيران المستدام المنتج.. ويؤدى هذا الحافز إلى تقليل تكلفة إنتاج وقود الطيران المستدام، وتقليل تكلفة الفرصة البديلة لإنتاج وقود الطيران المستدام مقارنة بالمنتجات المشتركة الأخرى للمنتج، مثل الديزل المتجدد.. كما أنه من المتوقع أن يؤدى هذا النهج الذى تتبعه الحكومة بأكملها لتحفيز إنتاج وقود الطيران المستدام إلى إنتاج ما لا يقل عن 11 مليار لتر من وقود الطيران المستدام بحلول عام 2030.

– مارس 2023، نشرت المفوضية الأوروبية قانون الصناعة الصفرية (NZIA) المقترح، والذى يهدف إلى توسيع نطاق تصنيع التكنولوجيا النظيفة فى الاتحاد الأوروبى، بهدف توفير ما لا يقل عن 40% من الخطة السنوية للاتحاد الأوروبى لاستراتيجية تقنيات صافى الصفر بحلول عام 2030.. وقد تكون هذه فرصة لإنشاء صناعة وقود طيران مستدامة أكثر قوة فى أوروبا.

– يونيو 2023، أصدر الاتحاد الدولى للنقل الجوى سلسلة من خرائط الطريق لعرض الخطوات الحاسمة للوصول إلى صافى الصفر بحلول عام 2050، بما فى ذلك وقود الطيران المستدام.

كما استعرض التحليل أهم التحديات التى حددها الاتحاد الدولى للنقل الجوى (IATA)، والتى تواجه التطوير والنشر السريع لوقود الطيران المستدام، وأهمها: عدم كفاية الدعم السياسى لتعزيز التوسع فى استخدام وقود الطيران المستدام، وغياب نهج منسق فى منهجية المحاسبة الخاصة بوقود الطيران المستدام، وعدم إمكانية الوصول إلى وقود الطيران المستدام فى لوجستيات الوقود الحالية والبنية التحتية للمطارات.

هنا أيضًا محدودية توافر المواد الأولية لوقود الطيران المستدام والفعالة من حيث التكلفة والبنية التحتية لمعالجة المواد الأولية، محدودية الاستثمار وارتفاع تكاليف تمويل البنية التحتية لإنتاج وقود الطيران المستدام، وكذلك التنافس على الموارد والحوافز مع قطاعات أخرى مثل النقل البرى والطاقة المتجددة.

وفى هذا السياق، وضع الاتحاد الدولى للنقل الجوى (IATA) سياسات للحكومات تعمل على تسريع الإنتاج التجارى ونشر وقود الطيران المستدام بكفاءة، حيث تعتبر الحوافز الإيجابية فى جانب العرض هى الأداة السياسية الأكثر فاعلية.

وأضاف التحليل أنه فى ضوء استراتيجية الدولة المصرية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، قامت وزارة الطيران المدنى بتشغيل أول رحلة صديقة للبيئة فى يناير 2022، والتى أقلعت من القاهرة إلى باريس، لتصبح الرحلة الأولى من نوعها فى القارة الإفريقية، كما أطلقت الشركة الوطنية مصر للطيران أولى رحلاتها التجارية بوقود الطيران المستدام من مطار شارل ديجول بباريس إلى مطار شرم الشيخ مباشرة فى نوفمبر 2022، وذلك بالتعاون مع شركة Neste، كبرى الشركات العالمية الرائدة فى مجال إنتاج وقود الطيران المستدا.

، فضلًا عن بحث السيد وزير البترول والثروة المعدنية مع رئيس شركة هنى ويل العالمية مشروع إنتاج وقود الطائرات المستدام فى أكتوبر 2023، حيث تقدر الطاقة الإنتاجية للمشروع بـ 120 ألف طن سنويًا من منتج وقود الطيران المستدام، وذلك باستخدام زيت الطعام المستخدم والمتوافر محليًا كمادة خام أساسية، ومن المقترح إقامته بجوار شركة أنربك بالإسكندرية.

بالإضافة إلى مشاركة وزارة الطيران المدنى فى المؤتمر الثالث للطيران والوقود البديل (CAAF/3)، والذى انعقد تحت رعاية المنظمة الدولية للطيران المدنى (إيكاو) خلال نوفمبر 2023 بالإمارات العربية المتحدة، والذى تمت مناقشة عدد من الموضوعات حول سياسات واقتصادات تقليل انبعاث الكربون، ومستجدات الطاقة البديلة، والتحول إلى الوقود المستدام.

وأفاد التحليل فى ختامه بأن صناعة الطيران المستدام هى مجال ناشئ.. ولكن مع الجهود الدولية التى تتم فى هذا الشأن وزيادة الاستثمارات فى البحث والتطوير والسياسات الحكومية الداعمة والتوسع فى تطبيق الحوافز لدعم صناعة الطيران المستدام ونشر استخدام وقود الطيران المستدام، يمكننا تحقيق مستقبل للطيران صديق للبيئة.



اكتشاف المزيد من شبكة الريان

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من شبكة الريان

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading