هند عصام تكتب: مقبرة الغرام



“انظري إلى سيدتي ومحبوبتي.. فمن عينيك استمد قوتي.. انظر إلى عيناي.. ستعرف كم أحبك”..

تحدثنا عن قصص كثيرة  سجلتها جدران المعابد والمقابر والبرديات الفرعونية وأوراق البردي تخليدا لعظمة حب وغرام الملوك والملكات غرام الأسياد و رقة كلمات الملوك ومعانيها  السامية التي كانت تعبر عن مشاعرهم وحبهم  في عصر الفراعنة ،فالقدماء المصريين  هم الذين وضعوا العديد من قيم الحياة والبعث، وسبقوا العالم في تقديس المرأة وكسر أعراف المجتمع من أجل الحب والزواج اما اذا كنت تريد التعرف علي حب وغرام عامة الشعب فيجب علينا ان نتعرف علي قصة حب “كاهاي “وحبيبتة “ميريت إيتس “وتلك الكلمات الرقيقة التي اتضح انها كانت أول قصة حب سجلها التاريخ .
وكانت هذه هي المفاجاة التي وجدها الفريق العلمي الأسترالي في المقبرة التي سُميت بمقبرة الغرام وهي تحتوي علي أقدم وأجمل قصة حب في التاريخ خرجت من هنا في مصر منذ 4400 عام .
في عام 1966 قام العلماء باكتشاف عظيم  من خلال صحراء سقارة ،  وهي مقبرة الغرام لمغني فرعوني في مصر القديمة يسمي  “كاهاي” و كان مشرفاً على الصناع المهرة، ورئيس كورال المغنيين في بداية الأسرة المصرية الخامسة وكان يعمل ايضا في بلاط أحد الفراعنة، إلا أنه أفصح عن طبيعة الحب في ذلك الزمن الجميل، وكان يعيش كاهاي في منطقة سقارة بمحافظة الجيزة قبل 4400 عام، أي في عهد الأسرة الخامسة، والدولة المصرية القديمة، والتي حكمت خلال الفترة من عام 2495 حتي عام 2345 قبل الميلاد.

وعندما اكتشفت مقبرة الحب والغرام  لم يفهم الباحثون طيلة 50 عاما ما وجدوه على جدران مقبرة المغني “كاهاي”، رغم أن كل وثائقه وصورة تم تدوينها في كتاب متخصص عام 1971، ربما لأن الباحثين قاموا بتصوير جدرانه ولوحاته بالصور الفوتوغرافية القديمة، البيضاء والسوداء، حتي تمكن علماء مركز علم المصريات التابع لجامعة “ماكواري” الاسترالية من إزاحة الستار عن أهم اللوحات بتلك المقبرة، بمجرد أن استخدموا الألوان التقريبية.

و كان الفتي “كاهاي”، ذلك العاشق المُتيم، يُحب زوجته الكاهنة “ميريت إيتس ” كثيرا و أراد أن يُخلد قصة عشقه لها بذاك المشهد الغرامي ، وتلك العبارات الرقيقة وهما عبارتين متبادلتين قد بدأنا بهم مقالنا ، وكان كاهاي وميريت إيتس كثيراً ما تبادلاها فيما بينهم، أحبك يا سيدتي، أحبك يا سيدي، لم يكتف “كاهاي” بتلك العبارات على جداريتة، ولكنه تغالي في تصوير مشهد حبه لزوجته، فقام بدهانها بنوع نادر، لم يستخدمه إلا ملوك الدولة القديمة في أهرامهم، فخرجت بتلك الصورة الرائعة.

وعندما تقف  أمام لوحه “كاهاي” وزوجته “ميريت إيتس ” سوف تدرك هالة الحب والغرام  التي انتابت العاشقين، فتكشف اللوحة تحديق الزوج والزوجة في أعين بعضهما البعض، ومشاعر الحب تهيمن عليهما بصورة واضحة، وتقوم الزوجة بوضع يدها على كتف زوجها اليمنى، ويظهر “كاهاي” في اللوحة وهو يرتدي زيا من جلد النمر ويمسك عصا وصولجانا، وهما رمزان للسلطة، كما كان يُعتقد في مصر القديمة، فيما كانت ترتدي “ميريت إيتس ” فستانًا طويلا ضيقًا 
و عن أهيمه تلك اللوحة الجدارية، يقال  أن مقبرة “كاهاي” تعتبر مثالاً على الأهمية التي كانت تحظى بها المرأة في تلك الفترة، وأن تكرار تقديم المرأة في الأعمال الفنية في المقابر المختلفة، وتصويرها بالحجم نفسه الذي كان يتم من خلاله تصوير الأزواج والأشقاء، كلها أمور تدل على مكانتها العالية وايضا  المتساوية.




اكتشاف المزيد من شبكة الريان

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من شبكة الريان

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading