هيكل عن مجدي مهنا: «بشارة» بعودة الأمل للصحافة المصرية


كانت تجربة «المصرى اليوم» علامة فارقة فى تاريخ «مجدى مهنا»، فقد كان أحد الشهود الشرعيين على ولادتها، وشارك فى محاولاتها الأولى، وآثر «عراف السياسة» الاحتفاظ بأسرار مرضه.

وأصر على تحمل نفقات علاجه ورفض فكرة العلاج على نفقه الدولة، إلى أن رحل عن عالمنا حاملًا «تنبؤاته» فى 8 فبراير 2008، وقد نعته كل الأقلام المصرية وكبار الكتاب، فأرسل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل إلى مجدى الجلاد، رئيس تحرير «المصرى اليوم» حينذاك، ينعى فقيد الصحافة مجدى مهنا قائلا:

عزيزى الأستاذ مجدى الجلاد..

لا أعرف لمن أقدم عزائى فى الصديق والزميل الأستاذ مجدى مهنا: لأسرته الإنسانية- أو لأسرته العملية- أو لأسرته المهنية- أو لأسرته الأوسع، وهى جميع قرائه ومشاهديه.

«الأستاذ»: فقدنا مقاتلًا باسلًا من كتيبة جيل الصحفيين الجدد

لقد كان اهتمامى به شديدًا، ورجائى فيه واسعًا، إذ كنت أراه- ومعه عدد من رفاق جيله «بشارة» بعودة الأمل للصحافة المصرية، بعد سنوات تبدى فيها، لى ولغيرى، خطر بقاء الأرض خلاء موحشًا نتيجة فجوة أجيال، فهناك داخل البيت الصحفى حفنة رجال شجعان من أجيال سبقت، تحمى خط الدفاع الأخير، لكن الأفق الواسع لم تكن عليه مقدمات ظهور طالع، وكان الخوف الماثل أن ينزل التصحر ومعه العقم على ساحة ظلت طول عمرها خضراء بالخصب، يانعة بنبت الربيع.

إن «مجدى» وسط صحبة محدودة العدد من جيله بدوا لى من بعيد ظاهرة همة ترفع قامتها، وتلفت النظر، وتستدعى المتابعة.

ولقد كان «مجدى» يعرف حرصى عليه، كما كان يعرف أن ذلك الحرص يتسع لجيله معه- رجاء ودعاء من زمان آخر وصلت رحلته الآن إلى آخر النهار.

قد أقول لك إننى لمحت النهاية الحزينة لـ«مجدى» منذ شهور، ثم تسرب الأمل منى بعد آخر اتصال تليفونى معه قبل أسبوعين، فقد جاءنى صوته لأول مرة يحمل نبرة يأس، وشعرت بأن الداء غلب الدواء، وأن ثقل المرض ضغط على حلم الشفاء.

من سوء الحظ أن المقادير لم تمنح «مجدى» فرصته كاملة، لكن عزيمته، وكفاءته، وشجاعته، أظهرت طاقة قادرة، برغم مهلة قصيرة أتيحت له، كى يكشف عما لديه، ويبرهن عليه.

لقد فقدنا باسلًا من كتيبة هذا الجيل من الصحفيين الجدد، لكنى أظن أن رحيل هذا المقاتل الباسل سوف يكون حافزًا لتلك الكتيبة على أن تواصل تقدمها، وتعزز مواقعها- ولعلى أضيف أن ذلك هو أمل كل الذين أحبوا «مجدى» وودعوه بأسى القلوب قبل دمع العيون.



اكتشاف المزيد من شبكة الريان

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من شبكة الريان

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading