«نزل رجلك من على الكرسي».. مقتل سائق «ميكروباص» بـ6 طعنات على يد «راكب»


دماء تسيل على الأرض، العشرات من الناس يُحدثون «هرجًا ومرجًا»، حركة السيارات تتعطل مع ضرب «الكلاكسات»، الشرطة تقتحم الصفوف وتلقى القبض على 5 شباب، وتفرض كردونًا حول جثة سائق «ميكروباص»، وتستدعى «تباع» سيارته، الذي من بين دموعه يقول: «فى زبون راكب معانا، قلنا له نزل رجلك من على ضهر كرسى السواق، شتمنا، واتصل بصاحبه وجم، وضربونا، وقتلوا سواق العربية».

من قلب هذا المشهد بموقف برطس في الجيزة، يخرج صوت صراخ «عجوز»، متقطع مفعم بالحزن وآهات الألم، تهرول ناحية جثة ابنها، فيما يناظره وكيل النائب العام، ويؤكد تلقى المجنى عليه 6 طعنات بأنحاء متفرقة من الجسد، قبل أن يأمر بالتحفظ على السكين أداة الجريمة: «ابن عمرى اتقتل، ده انت لسه عريس جديد مكملتش 7 شهور، يا عمرو يا حبيبى كان نفسك تشيل ضناك على إيدك، ابنك هيتولد وهيتحرم منك زيى، يا وحيدى على 4 بنات».

«عمرو» ليس مجرد شاب يكافح لأجل لقمة العيش فحسب، بل هو «العكاز اللى بيتسند عليه أبوه وأمه»، هو أملهم الوحيد وضهرهم وحمايتهم، فأبوه المُسِنّ الذي تكالبت عليه الأمراض وأعجزته عن مواصلة العمل يقول إنه بمقتل الابن فقد العائل الوحيد للأسرة، ووالدته تذهب إلى حجرة في منزلها ترفع غطاء عن أجهزة كهربائية مكدسة فوق بعضها، وتقول: «ده جهاز بنتى الصغيرة (ليلى)، أخوها اللى كان بيجهزها، وفرحها قرب، لكن ييجى منين الفرح؟!».

سائق الميكروباص مع عروسه
سائق الميكروباص ضحية الزبون

كأى سائق «ميكروباص»، يجد زبونًا يضع قدمه على ظهر كرسى القيادة، يطلب منه: «لو سمحت نزل رجلك، المكان ده في ناس بتقعد عليه، وكده بتضايقنى ورجلك في وش الناس»، وفق «عادل»، تباع السيارة قيادة «عمرو»، لكن كلام الأخير لم يعجب الراكب: «مش هنزلها، واللى عندك اعمله»، ليرد السائق ليقصر الشر على «الزبون»: «خلاص لو يرضيك كده براحتك أو انزل خد عربية تانية» ليتدخل الركاب، وإذا بهم يوبخون صاحب المشكلة، ويطالبونه: «يا أخى عيب عليك نزل رجلك، وخلى السواق يمشى».


قاله كفاية حرام عليك

عندما انطلق «عمرو» بسيارته من جديد كان إعلانًا منه بانتهاء موقف «الشد والجذب» مع الراكب، حتى إنه لم يكثرت لمكالمته مع أصحابه: «تعالوا لى بسرعة عند آخر الخط معايا حكاية»، فقبل أن يركن «الميكروباص» لتحميل دور جديد ليعود أدراجه إلى إمبابة في رحلته ذهابًا وإيابًا، شاهد «الزبون» وأصدقاءه يتقدمون نحوه، يجهش التباع وهو يحكى «ضربونى أنا الأول، وملحقتش أشوف اللى حصل للسواق، فجأة لقيته واقع على الأرض وسايح في دمه».

كانت كاميرات المراقبة شاهدًا على الأحداث الدامية، فأظهرت قدوم نحو 4 شباب برفقة «الزبون»، الذي استل كوبًا، وحطمه، محاولًا رشق أجزاء منه في رقبة السائق «عمرو»، لكن صديقًا له أنقذه ليأخذ الجانى من أصحابه سكينًا، ويسدد لضحيته 6 طعنات، وفق ما ورد بشأن تشريح الجثمان، فتقول والدة المجنى عليه، التي رأت آثار الضربات عقب غُسله قبل الدفن: «خد اتنين في بطنه، وواحدة أسفل الحوض، واتنين في رقبته، وواحدة في كتفه».

الأم تدوى بصراخها، وهى تشير إلى مكان كل ضربة تلقاها ابنها، وتشرح وتمثل أوجاعه: «قاله كفاية حرام عليك، تلاقيه شاف الدم افتكرنى قبل ما روحه تطلع، وفكر يكلم مراته يودعها ويقولها زى عادته خلى بالك من نفسك وأبويا وأمى»، لكن الابن وفق كلامها لم يفعل كل ذلك: «طلعت روحه على طول إلى بارئها».

أم المجني عليه وزوجته تمسك صورته
أم المجني عليه وزوجته في حالة حزن

دلوقتى بيزفوك للجنة عريس

عند ثلاجة حفظ الموتى بمشرحة زينهم، العشرات من زملاء وأصدقاء وجيران «عمرو» انتظروا خروج جثمانه، راحت سيرته تتردد على كل ألسنة الواقفين، فهنا سيدة تحكى أنها اعتادت الركوب معه كل صباح، وكان يُقسم ألا يأخذ منها الأجرة، فيقول لها: «إنتى ست على الله زينا»، ورجل مُسن يقول: «كان بيقف، ويركبنى على مهلى».

ودع «عمرو» الدنيا، وترك زوجة مكلومة، قلبها ينفطر عليه، راحت تقلب في ألبوم زفافهما القريب «ده من 7 شهور، كنت أحلى عريس، ودلوقتى بيزفوك للجنة عريس»، باكيةً تقول: «حقه عايزاه يرجع بالقانون، وإعدام للمتهمين دول، اللى كان عندهم سبق إصرار وترصد، كفاية ابننا هيتولد من غير أب».

أجهزة الأمن ضبطت المتهمين، وقررت النيابة العامة حبسهم 4 أيام احتياطيًّا على ذمة التحقيقات.

أسرة المجني عليه وتباع الميكروباص خلال حديثهم لـ«المصري اليوم»



اكتشاف المزيد من شبكة الريان

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من شبكة الريان

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading