«الصالون الثقافى» يحتفى بتجربة الكاتب المغربى محمد شكرى
احتفى الصالون الثقافى، في آخر أيام الدورة الخامسة والخمسين لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، بأدب الكاتب المغربى الراحل محمد شكرى. أدار الندوة الشاعر والناقد الدكتور أحمد حسن، بمشاركة الناقد الكبير الدكتور صبرى حافظ، والناقد والكاتب والمترجم د. سمير مندى والناقدالمغربى دكتور محمد مشبال.
وناقشت الندوة مشروع محمد شكرى الأدبى ممثلا في رواية «الخبز الحافى» نمودجا.
في البداية قال أحمد حسن إن محمد شكرى كان مدفوعا بالمغامرة والفضول وبرغم من جسارته وشجاعته إلا أن حياته كانت فوضوية، ورغم أنه كان يكتب عن تفاصيل حياته الدقيقة لكن يبدو في تصوره أنه يشبه بفرسان العالم القديم وقدرته على مواجهة الحياة بكل مرارتها.
وقال صبرى حافظ إن محمد شكرى استطاع أن يكتب عالما مغايرا عن العوالم التي عرفها منذ بداياته في القرن العشرين واقتحم مناطق مسكوت عنها وكتب عنها بصدق وعفوية من الداخل وبصدق إلى حد الصدمة الجارحة، ورصد تاريخ المغرب السياسى والاجتماعى الملىء بالمتناقضات، فمجموعة الكتاب الأوروبيين الذين ترددوا على طنجة كتبوا عالم طنجة في رواياتهم ولكن محمد شكرى عاش تجربة غير عادية وكتبها بطريقة غير عادية إلى حد كبير فهو خرج من الحرب العالمية الثانية وعاش في قاع المجتمع حينذاك وفى أكثر درجات خصوصيته كما أتيح له أن يكون جزءا من العالم الثرى أيضا فتحول من صعلوك صغير إلى كاتب كبير بحق، والطريقة التي كتب بها هذا النص بالغ الخصوصية.
وسرد: حكى لى كيف ولدت رواية الخير الحافى، فعندما تعرف على الكتاب الأوروبيين لم يكن يقرأ ويكتب في عمر الـ26 ومع ذلك كان يجيد الفرنسية والإنجليزية من خلال تعامله مع الكتاب الغربيين، وعندما تحدث مع أحدهم وحكى لهم قصته فقال له ناشر إنجليزى شهير إنه سينشر ترجمة لرواية تحكى قصة شكرى ولكنه قال للناشر إنه كتب روايته بالفعل ولم يكن كتبها أصلا، ثم ذهب لكتابتها باللغة الإنجليزية وكانت أول رواية عربية تنشر باللغة الإنجليزية والفرنسية أولا ثم ترجمتها للعربية، وربما جاء نجاح هذه الرواية بسبب إنه لم يتعمد الكتابة، فسياق كتابة الرواية هو سر طزاجة هذا النص.
أما الناقد سمير مندى فأوضح أنه مشغول برواية الخبز الحافى وكيف تمكن من كتابة السيرة الذاتية، فنحن نكتب السيرة في التراث العربى القديم عن العظماء أو عن بعض العظماء الذين اثروا الحياة، إذا فكيف نقرا السيرة الذاتية لمحمد شكرى بين هؤلاء العظماء فإن السيرة الذاتية بالمعنى القديم تضعنا أمام إشكالية قبول سيرة شكرى وأظن أنه كان موفقا في اختيار عناوين سيرته، يقول شكرى في مقدمة الخبز الحافى إنه كتب سيرة الطيش والغوابة من قلب الظلام كما كتب طه حسين في الأيام، وقام مندى بعمل مناظرة بين طه حسين وشكرى، حيث تتحول ذكريات شكرى لاستدعاء سيرة الذعر في التاريخ القديم.
وأعرب عن عدم ولعه بسيرة الأيام لطه حسين فإن الصبى في الأيام يختلف تماما عن طه في روايته، وكان شخص آخر يتحدث عن طه حسين ونلاحظ في الأيام أن الراوى والأديب هو نفس الراوى، ولنقل إن شخصية أديب هي الشخصية الموازية لطه حسين الذي استدعاه وكتبه، وهذا هو الخيال الموازى الذي كتب من خلاله طه حسين سيرته الذاتية في الخبز الحافى آفة الفقر لا تقل أبدا في مأساويتها عن العمى، ويقول سمير مندى إن الفقر والعمى وجهان لعملة واحدة ولكن يقول شكرى إنه كتب ليحيى هذه الأرض الموات وهناك تفاصيل كثيرة رصدها الناقد الكبير سمير مندى بين سيرة طه حسين في روايتيه «الأيام» و«أديب» وبين الخبز الحافى لشكرى سيرصدها في دراسة وافية في وقت لاحق.
أما دكتور محمد مشبال الناقد المغربى الكبير وأستاذ البلاغة فقال إنه يمنى نفسه بقراءة محمد شكرى من منظوره كأكاديمى ولكنه استثمر تجربة معايشة ظهور أعمال شكرى الذي قرأها بالفرنسية في البداية والسؤال الذي يهمه، لماذا هذا الاهتمام الكبير الذي خلقه أدب محمد شكرى فهذا الأمر يحتاج لدراسة مستقلة ولكنه طرح بعض الإجابات، لأنه يعتقد أن هناك تضخيما ما هو نفسه ساهم فيها، فاستحضر السياق الأدبى في مطلع الثمانينيات في المغرب حينما ظهرت هذه السيرة وانبهر بها قراء المغرب رغم أنها كتبت في بداية السبعينيات، فالقارئ المغربى في تلك الفترة كان يقرا أدبا مختلفا وكان يقرأ طاهر بنجليون وكان شخصية مختلفة تماما فإذا انتقلنا إلى بلاغة تجريبية في بعض النصوص لكتاب آخرين من المغرب وفى تلك الفترة لم تكن تصلنا نماذج من الرواية المصرية، فكل الكتب التي كانت متداولة في المغرب كانت مشرقية أكثر، وكان عدد الروايات المغربية قليلا جدا وكذلك النقاد.
وأوضح أنه كان هناك بؤس في خيال الرواية المغربية في ذلك الوقت ولابد من وضع منتج محمد شكرى في حوار مع ما كان ينتج في سباق ما كان يقدم في حينها، وإن كانت السيرة الذاتية لمحمد شكرى تكمن في صورته كمؤلف وقد استثمر فترة فقره التي امتهن فيها المهن البسيطة ومارس السرقة وعاش الصعلكة الحقيقية، وربما ثراء تلك الفترة الاستثنائية من مشاعر الفقر والبؤس فخرجت كمؤلف صادق عاش الواقع المكتوب لها تأثير كبير على استقبال القراء لها وقد صور المدينة الحقيقية بعد الاستقلال حرمان بعض وفوز بعض حيث تجاور التهميش مع طنجة الكوزموبولينان فهذا جزء لا يمكن فصله عن المدينة وقد استخدم بلاغة سردية لم تكن معروفة في السرد الذاتى، فقد ابتعد عن اللغة الفصيحة وتفاعل مع العامية ومن جهة أخرى هو لم يقدم قدوة بشكل بلاغى ولكنه عكس تلك الفكرة والقاعدة الخاصة بنوع السيرة الذاتية، ولخص مشبال كلمته إنه لخص علاقته بأعمال شكرى من خلال قراءاته ومقارنته مع الآخرين وإنه يجب أن نضعه في مكانه الحقيقى دون مبالغة.
اكتشاف المزيد من شبكة الريان
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.