دقة قلب.. هاجر تهامى تكتب: «مابقولش فى حبك غير الله»
«الله يا حبيبى على حبك الله، ما بقول شى فى حبك غير الله».. يراودنى سؤال أبدى: ما العلاقة بين الله وبين هذا الرجل الذى أحبه؟، ولماذا كلما تذكرته تذكرت اسم الله؟، ولماذا كلما استيقظت، وقبل أن أطوى غطاء سريرى، مددت يدى لأزيل ستائر غرفتى، ونظرت إلى السماء، وألقيت التحية على الله، ثم ألقيتها على هذا الرجل؟.
ربما لأن الله رحيم، وعهدت هذا الرجل رحيمًا بى، ربما لأن الله السلام وعهدت سلامى بين ذراعى هذا الرجل وفى عناقه، أو ربما لأن الله هو المعطى فأعطانى هذا الرجل.. لا أعلم.
الحقيقة الوحيدة المؤكدة هى أنى أحببت الله أكثر عندما أحببت هذا الرجل، فأنا على يقين أنه جاءنى بعد دعوة صادقة دعوت الله بها فى غيابات الحزن والألم والوحدة، أحمد الله دائمًا على نعمة هذا الرجل، أشعر أن الله يحدثه بطريقته الخاصة ليتلو عليه آيات الرحمة والمحبة، وأن الله اختصه دون غيره ليكون الملك على قلبى، فأخبره أنه لا خصومة ولا ملامة فى الحب، وأن هذا القلب المثقل لا يستحق أن تعبث به، فأحسن إليه، فأخذ بالرسالة على محمل الجد واستشعر أمانة الله له، فأحسن إليها. تؤنسنى رسائله النصية، التى تجعلك تردد: «صالحت بيك أيامى سامحت بيك الزمن»، وعندما أغضب أو تصيبنى نوبة حزن، لا يضع وجهى بين كفيه ليلقى تعاليمه، بل يتأبطنى بلغة صامتة هادئة لأتعلم وأشفى بجواره.
كما نحن فى معية الخالق.. نخطئ ونتعلم. أحدثه عن الموت، يحدثنى عن العطور.. أشكو إليه إحدى صديقاتى يحدثنى عن الملابس الشتوية الجديدة التى لم أرتدها وفصل الشتاء أوشك على الانتهاء.. أبث حزنى إليه وأسال الله عن ألمى فيلاحقنى بأيوب فى صبره، فيأخذنا الحديث إلى النبوة ووعد الله لأنبيائه، بينما الله لم يعدنى بشىء جراء صبرى على الألم، أو حتى لم يجبنى عن الأسباب المنطقية لما أمر به من أوضاع غير مستقرة، ليأخذنا الحديث إلى فلسفة الكون والوجود، لتضيع شكاواى وتتبخر مخاوفى، فتتواطأ أجهزتى بحديثه، ويسكن ألمى وتهمد أوجاعى بحضوره المطمئن، وتتوهج حواسى ويمرح جسدى وأتوقف عن البكاء، بل أتقبل كل الخذلان والآلام ومشاغبات الحياة لأفكر فى نعمة هذا المخلوق الذى وضعه الله فى طريقى.
أى حديث مع هذا المجنون العاقل لا يتوقف، أنت فى معسكر تدريبى مغلق ممتع شاق لن ينتهى إلا بالمباراة النهائية، التى حتمًا تنتهى بالفوز وحمل لقب البطولة أيًّا كانت القضية ومهما كانت الأرض.. لا رتابة، لا هراء، لا ملكية، لا مقايضة، لا شىء أبدًا معه سوى الحياة. برفقته، آكل بشهية المنتصر الواثق طوال الوقت من الفوز حتى وإن تأخر، فالربح حليف صحبته مهما طال المدى أو قصر. أدخر كل القصص والأحاديث لرؤيته، وكأنى وكالة استخباراتية، لا أترك ملحوظة مرت فى غيابه دون أن أقصها عليه، شهوة الحديث معه لا تنتهى كما تغلبنى شهوة النوم فى حضوره، شغف لقائه المائة كشغف لقائى الأول به.
لا أعبأ بأحد فى حضرته، لا أنظر إلى هاتفى المحمول كثيرًا، لا أنتظر أحدًا، إذا استُدعيت إلى حديث مع غيره ولا يعجبنى، أستدعى وجهه وحديثه، فأجدنى أبتسم للمتحدث وكأنى أنصت جيدًا، بل أشاركه ما يقوله، وفى الحقيقة أردد: «أنا لولا أنت لم أحفل بمَن راح وجاء». هذا الرجل شخص استثنائى، يأخذ بيدك ثم يعلمك السير الحذر دون وصاية أو ملكية، لا يعنى حبك له أو حبه لك أنك صرت ملكًا له.. أنت شريكه.
اكتشاف المزيد من شبكة الريان
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.