أفخاخ المقاومة.. لغمت الأنفاق واستدرجت جنود الاحتلال بـ«دمى» تتحدث العبرية
حاصرت أفخاخ المقاومة الفلسطينية التي تقودها كتائب الشهيد عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، جنود الاحتلال، ما جعلهم يسقطون في حفرة الموت في غزة، ما دفع عددا من الخبراء إلى وضع تحليل مبسط عن الجندى الإسرائيلى في ساحة القتال، ليؤكدوا أن الجندى الإسرائيلى وجد إعدادا مسبقا ومحكما من قبل المقاومة في غزة، فظهر على حقيقته «جبانا» يشعر بحالة من التوهان والفشل بعد أن كسرت المقاومة أحلامه في تحقيق أي إنجاز عسكرى، لافتين إلى أن آليات ومدرعات وجنود الاحتلال وقعوا في فخ المقاومة بالرغم من تكرار الخدعة، فضلا عن أن عيادات التأهيل النفسى استقبلت 9 آلاف جندى إسرائيلى «لواءين كاملين» جراء معارك غزة، إضافة إلى أن «فيديوهات المقاومة تحبط الاحتلال وتخفض الروح المعنوية».
في المقابل، قال نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكى السابق، مايك مالورى، إن وضع الجيش الإسرائيلى صعب لما يخوضه من قتال، إلى جانب محاولته تحرير أسراه.
منذ اندلاع العدوان الإسرائيلى ضد قطاع غزة، والمقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة حماس، إلى جانب الفصائل الفلسطينية الأخرى في قطاع غزة، تفاجأت قوات الاحتلال بأساليب خداع، مستخدمين أساليب مبتكرة، ومستغلين ركام وأنقاض المنازل والمبانى التي دمرها الاحتلال على رؤوس ساكنيها العزل لصالحهم؛ لينفذوا المعنى الحرفى لمثل «انقلب السحر على الساحر».
وفى هذا السياق، قال جنود إسرائيليون إنهم وجدوا أنفسهم يتم استدراجهم في منطقة بمخيم جباليا شمال القطاع إلى «فخ مميت أقرب للخيال»، موضحين أن الكمين كان عبارة عن استخدام دمى على شكل أطفال وحقائب أطفال وتشغيل أصوات بكاء عبر مكبرات الصوت، حيث تم وضع ذلك عمدا بالقرب من فتحة نفق متصل بشبكة أنفاق كبيرة، وذلك وفقا لما نقلته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية.
وتحدث جنود إسرائيليون عن سماع جنود الاحتلال تسجيلات للبكاء وأشخاص يتحدثون العبرية، في محاولات، كما يعتقد قادة الاحتلال، لخداع الجنود الإسرائيليين للبحث عن رهائن في مكان قريب، وهذا ما جعل جنود الاحتلال يقتلون عن طريق الخطأ 3 أسرى إسرائيليين، ظنا منهم أنها خدعة من قبل المقاومة وبأن هؤلاء الأسرى من عناصر «القسام» بالرغم من صراخهم طلبا للنجدة.
في حين، قال المحلل العسكرى الإسرائيلى، بن يشاى، للصحيفة الأمريكية إنه لدى دخوله غزة مع جيش الاحتلال الإسرائيلى، «رأى داخل غرفة الأطفال في أحد المنازل، بين البطانيات، عبوة ناسفة كبيرة»، موضحا: «كانت القنابل معلقة في أكياس رمل على الجدران لتنفجر على مستوى رؤوس الجنود».
وفيما يشن الاحتلال حربه ضد غزة مدعوما بأحدث وأكفأ الأسلحة من مدفعية وطيران، تعتمد حركة المقاومة الفلسطينية «حماس» على بعض أقدم التكتيكات وهى «الخداع والمفاجأة والكمائن».
ويقول الجيش الإسرائيلى إنه يقاتل فوق الأرض وتحتها في عدوانه ضد غزة، مشيرا إلى أن مقاتلى القسام وسرايا القدس، وبقية فصائل المقاومة، يتنقلون من مبنى إلى مبنى بملابس مدنية، ويحاولون استدراج الجنود الإسرائيليين إلى الكمائن والشراك الخداعية.
ولطالما أشار قادة حماس والمتحدث باسم ذراعها العسكرية القسام، أبوعبيدة إلى أنهم القوة الأصغر التي تقاتل من أجل دينها ووطنها ضد ما يعد أفضل الجيوش تجهيزا على وجه الأرض وأقواها في الشرق الأوسط، حيث تنشر كتائب القسام فيديوهات لجانب من استهدافها من خلال الخدع وغيرها جنود الاحتلال وآلياته.
وفى حيلة أخرى، أعلنت كتائب القسام عن تدمير 5 دبابات إسرائيلية وقتل وإصابة جميع أفرادها، بعد إعادة استخدام صاروخين يزنان 2 طن، أطلقهما الاحتلال تجاه بيوت المدنيين ولم ينفجرا، فزرعهما مقاتلو القسام في طريق تقدم آليات الاحتلال في منطقة جباليا البلد، وفور وصول الآليات للمكان تم تفجير الصاروخين.
ولا تنحصر الكمائن وأساليب الاستهداف في هذا فقط فقد أعلنت القسام عن تفجيرها حقل ألغام مكون من 4 عبوات برميلية وعبوة مضادة للأفراد «تلفزيونية» في قوة مشاة وآليات للجيش الإسرائيلى شمال مخيم البريج وسط قطاع غزة.
وفى هذا السياق، قال اللواء محمد رشاد الخبير العسكرى لـ«المصرى اليوم»، إن القسام وفصائل المقاومة الفلسطينية حققت إنجازات كبيرة على المستوى الميدانى، مستخدمة كل أنواع الأسلحة، ومختلف الشراك الخداعية ضد القوات الإسرائيلية، مشيرا إلى أن المقاومة درست إمكانياتها واستخدمتها بكفاءة لدرجة مكنتهم من تحقيق إنجازات عسكرية، ألحقت بجيش الاحتلال خسائر كبيرة جدا.
وأشار في هذا الصعيد، إلى أن المقاومة استخدمت الأنفاق لصالحها مستغلة أهمية هذه الأنفاق بالنسبة لجيش الاحتلال، من خلال خداعه بإبراز جزء من النفق بعد تلغيمه وتشغيل أصوات مسجلة باللغة العبرية، لاستدراج جنود الاحتلال ومن ثم تفجير الألغام التي وضعتها ضد هؤلاء الجنود، واصفا هذه الخدع بالشراك الخداعية وبأن حماس حققت نصرا باهرا.
وعن وقوع الاحتلال في ذات الخدع بالرغم من تكرارها أكثر من مرة وأوقعت خسائر ضد الاحتلال، أشار رشاد إلى أن الخسائر التي تكبدها الاحتلال جعلته يتمنى أن يحقق إنجازا عسكريا حتى لو كان محدودا، ويبحث عنه بطريقة أو بأخرى لتقديمه إلى الشارع الإسرائيلى الذي بدأ السخط يتزايد في أوساطه جراء عدم إحراز جيشه أي تقدم.
وأوضح أن جنود الاحتلال ينجذبون إلى أي شىء يمكنهم من تحقيق أي نصر بالرغم من تكرار موضوع تسجيلات الأصوات، حيث يتوقع هؤلاء الجنود أنها خدعة، لكن عدم تحقيقهم لأى إنجاز عسكرى يجعلهم يتمنون أن تكون حقيقة، مشبها حالهم بحال الباحث عن الإبرة في «كومة قش»، خاصة بعد حادثة قتله بالخطأ 3 أسرى من مواطنيه ظنا منه أنها خدعة من قبل القسام لإيقاع جنود الاحتلال في فخ، مشيرا إلى أن من شأن هذه الحوادث التشويش على قوات الاحتلال.
وقال إن هذه الخدع جعلت الجندى الإسرائيلى يشعر بحالة من التوهان نظرا للمخاطر التي تعرض لها ولم يكن ليتصورها، مستشهدا بتعامل المقاومة مع جنود الاحتلال من المسافة «صفر»، مشيرا إلى أن الجندى الإسرائيلى رجل جبان، وشجاعته تكمن في المجموع، لكن عند دخوله المعركة وحيدا يكون في حالة من التشويش والتوهان، لأنه لا يدرى من أين الخطر قادم له.
ولفت إلى أن الاحتلال حتى الوقت الراهن بالرغم من إمكانياته ودخول الحرب شهرها الرابع لم يستطع تحديد مكان تواجد القيادات الفلسطينية، أو أسراه الإسرائيليين.
وتابع أن الجيش الإسرائيلى، لم يستطع تقديم نصر عسكرى لشعبه، ويعيد هيبة ما لحق بهم من هزيمة في 7 أكتوبر، بالرغم من أن إسرائيل عبارة عن دولة داخل منظومة عسكرية وأمنية هي التي تقود كل شىء في إسرائيل وليس العكس، موضحا أن الموقف السياسى يتحدد من خلال الأوامر العسكرية، وبالرغم من ذلك نالت حماس من القوة العسكرية وهيبة الدولة، علاوة على فقدانها الردع، بينما لم تستطع إسرائيل النيل من المقاومة، أو تحقيق أي هدف من أهداف الحرب.
وفى السياق نفسه، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، أيمن الرقب، لـ«المصرى اليوم»، إنه في عادة الحروب تكون الخدع مهمة جدا لما لها من تأثير نفسى على أداء الجنود والمقاتلين في الحرب، كاستخدام الدمى إلى جانب تسجيلات باللغة العبرية «هتسليم» والتى تعنى النجدة؛ مما أوقع الاحتلال في فخاخ غزة، مشيرا إلى أن هذه الخدع أثرت بالسلب على الجنود الإسرائيليين، مدللا على ذلك بقتل جنديين إسرائيليين ثلاثة من أسراهم في شمال غزة، ظنا منهم أنهم أفراد من المقاومة بالرغم من صراخهم باللغة العبرية «النجدة».
ولفت الرقب إلى التقارير الإسرائيلية التي صدرت عن الحالة النفسية جراء هذه المعارك، حيث يتردد نحو 9 آلاف جندى إسرائيلى أي ما يعادل لواءين كاملين بجيش الاحتلال، على عيادات التأهيل النفسى، ونوه إلى إيحاء المقاومة للجنود الإسرائيليين بأنها تهرب اتجاه نفق، والذى يكون ملغما مسبقا ليتم تفجيره في هؤلاء الجنود لدى دخولهم فتحة النفق، مستشهدا بتلغيم المقاومة نفقا في مخيم البريج بوسط القطاع؛ ما أدى لمقتل نحو 9 جنود، إلى جانب مقتل 5 آخرين في تفجير فتحة نفق في الشجاعية.
وأوضح الرقب، أن الاحتلال أخرج روايات متضاربة فيما يتعلق بحادثة «البريج»، فتارة يقول إنه تم إطلاق قذيفة من مدفعية، وتارة يقول إن عبوة ناسفة وضعت داخل شاحنة، ولكن حقيقة الأمر أن التفجير كان في نفق.
كما لفت الرقب إلى أن الأمور بالنسبة للمقاومة تسير بالإيجاب في مناطق الشمال وفى خان يونس بالجنوب، حيث تتمتع المقاومة الفلسطينية بحركة ديناميكية سريعة في الأنفاق التي صممت لهذه اللحظة، مشيرا إلى أن الاحتلال توقع أن تكون الأنفاق متصلة ببعضها، ليتفاجأ أنها منفصلة، بل إن جزءا منها يسير وكأنه متاهة كبيرة جدا.
وفى هذا السياق، نوه إلى أن القوات الإسرائيلية بالرغم من استخدامها الكلاب البوليسية لم تنجح، حيث تمكنت المقاومة من قتل هذه الكلاب، إلى جانب فشل محاولة جنود الاحتلال الدخول عبر الحبال.
وفيما يتعلق بالجانب النفسى لوقوع الاحتلال أكثر من مرة في هذه الخدع، قال الدكتور جمال فرويز خبير الطب النفسى العسكرى والمسؤول السابق عن نفس الجزء داخل الأمم المتحدة، لـ«المصرى اليوم» إن الحياة العسكرية ليس بها وجود للاحتمالات أو الصدفة، مشيرا إلى أن جيش الاحتلال هو جيش نظامى يمشى بأسلوب عسكرى محدد وفق قواعد، حيث لا يترك أمر للاحتمالات ولا يتعامل إلا مع الحقائق ويسير وفقا لعدة أجهزة استطلاع وأنظمة مخابراتية ووفقا لهذه الأمور يتم اتخاذ القرار، فلا يوجد في القاموس العسكرى «المرة السابقة»، موضحا أنه إذا ترك الجندى الأمر للتأويل وكان تأويله خطأ فستتم محاسبته. إن نفسية العسكريين تتوقع دائما وجود خسائر سواء بشرية أو مادية ولها أخطاؤها.
وفيما يتعلق بالعامل النفسى وبالتقارير الإسرائيلية التي تتحدث عن إصابة نحو 9 آلاف حندى بالأمراض النفسية وتسريح نحو 250 عسكريا لعدم امتثالهم للشفاء،
قال فرويز، إن هذه البداية وإن هذه المشاكل التي يتحدث عنها الاحتلال هي المشاكل «النفسية الحادة»، مشيرا إلى أن هذه المشاكل أقل بكثير مما سيواجهه جنود الاحتلال من مشاكل نفسية لاحقة بعد نحو 6 أشهر فيما يسمى آثار ما بعد الصدمة، التي ستظهر لديهم عند تعرضهم لمشاكل مشابهة.
وأشار فرويز، إلى أن الجندى يلزم لأن يكون مؤهلا لخوض قتال أو حرب أن يكون مؤهلا معنويا كتوفير المأكل والملبس، ونوعيتهما، إلى جانب الأسلحة، أما عن العامل النفسى فيجب تذكيره بأسباب خوضه الحرب والهدف منها والدور الدينى والقومى؛ حيث من شأن هذا كله تيسير دخول الجندى لميدان الحرب.
وفيما يتعلق بالفيديوهات التي تبثها المقاومة من استهداف لقوات الاحتلال وتأثيرها النفسى، قال فرويز إن أبوعبيدة نفسه عامل نفسى؛ لما يثيره من بث الرعب والقلق داخل قوات الاحتلال، في مقابل بث الطمأنينة ورفع الروح المعنوية للجانب الفلسطينى، علاوة على أن نشر القسام لفيديوهات عملياتها العسكرية، من استهداف مقاتلى القسام وغيرها من فصائل المقاومة الفلسطينية من مسافات قريبة جدا تصل إلى المسافة «صفر»، يصيب قوات الاحتلال بالإحباط، وخفض الروح المعنوية، لافتا إلى أن الاحتلال يعتمد على الدعاية الإعلامية في ثباته في أرض المعركة، حيث يشير إلى أرقام قتلاه ومصابيه، لكنه لا يتطرق إلى من هربوا من الخدمة العسكرية.
وأوضح أن شعور الإسرائيليين في الوقت الراهن عدم الشعور بالأمان، وبأن الفلسطينيين قادرون في أي لحظة على استهدافهم، مما يقلل من روحهم المعنوية، إلى جانب ما يخلفه التوتر النفسى الشديد من أعراض جسمانية من انخفاض للضغط وتسارع نبضات القلب، ومشاكل في العضلات، إضافة لمشاكل في النوم؛ ما يسفر عن أداء صعيف للجندى الإسرائيلى في ميدان المعركة.
في المقابل، قال نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكى بـ«البنتاجون» لشؤون الشرق الأوسط السابق، مايك مالورى في تصريحات خاصة لـ«المصرى اليوم» إنه «وفقا لمقالة واشنطن بوست، باستخدام حركة حماس دمى بالحجم الطبيعى (بما في ذلك حجم الأطفال) مع نداءات مسجلة للمساعدة، باللغة العبرية، لجذب القوات الإسرائيلية إلى الكمائن والمناطق المفخخة، إن احتجاز الرهائن المدنيين، بما في ذلك كبار السن والأطفال، لا يتعارض مع قانون النزاعات المسلحة فحسب، بل يتعارض تمامًا مع أي معيار للأخلاق واللياقة».
وتابع أنه «بغض النظر عن موقف المرء من القضايا السياسية في إسرائيل وغزة، فلا بد من إدانة ذلك بشدة من قبل الجميع»، مشيرا إلى تأثير الخدع، بقوله: «نعم من المحتمل أن يؤدى ذلك إلى مقتل جنود من الجيش الإسرائيلى. وقد يبطئ تقدم الجيش الإسرائيلى. لكنه سيجعلهم أيضا أكثر تكريسا لتدمير الحركة».
وردا على قصف إسرائيل لأماكن قريبة من الأسرى الإسرائيليين في غزة، وتصريح الأسرى المفرج عنهم بأن «القسام» حاولت حمايتهم، إلى جانب اتهام ذوى الرهائن لحكومة بنيامين نتنياهو بعدم الاكتراث لأمر ذويهم المحتجزين في غزة، قال مالورى: «أعتقد أن الجيش الإسرائيلى في وضع صعب للغاية لأنه في خضم قتال، إلى جانب محاولاته لأنقاذ الرهائن».
اكتشاف المزيد من شبكة الريان
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.